القوة الخارقة وأثرها على الأبناء

 

سلمان بن محمد العُمري

5 سبتمبر 2022

لم يعد البيت ولا المدرسة ولا الأصحاب هم ذوو التأثير على أبنائنا بل هناك قوة خارقة أثَّرت عليهم، وستؤثِّر عليهم مستقبلاً، كما أثَّرت على غيرهم ألا وهي وسائط التواصل التي أصبحت في أيدي الصغار كما هي في أيدي الكبار، ويتنقّلون فيها من موقع لآخر دون حسيب ولا رقيب ولا ما يناسبهم من المحتوى في الألعاب أو المعلومات ووسائل الترفيه.

لقد حلَّت هذه الوسائل محل الوالدين في نقل العلوم والمعارف والسلوك الحميد وغير الحميد وذلك لسهولة تناولها وكثرة استخدامها بين أيديهم، وكان الناس في السابق يشتكون من إدمان الأطفال على مشاهدة التلفزيون، ولكن هذه الوسائط أزاحت كل هؤلاء من طريقها واستأثرت بقلوب الأسرة جميعها، وللأسف فإن المحتوى لا يناسب الأطفال والناشئة عمراً، ولا فكراً، والأخطر من ذلك ما يمس العقيدة والدين والمبادئ والقيم، إذ لا وزن لها في عرف مقدمي المحتوى.

ومما يؤسف له أيضاً أنه لم يتم تقنيين ساعات استخدام الجوال أو الحاسوب الصغير في يد الطفل، بل إنه منذ أن يفتح وحتى فراش النوم، والجهاز بين يديه، وعند تناول الوجبات حتى أصبح الطفل معزولاً عمَّن هم حوله، ويمضي الطفل وقتاً كبيراً في استخدام هذه الأجهزة، وكما أشرت في خطورة ذلك على الصحة وعلى الفكر فما يقدم ويتعرض له الطفل هو ما هبَّ ودبَّ، والصالح والطالح بين البرامج والألعاب والأفلام التي لا تتناسب مع مرحلة العمر وبنيته والثقافة التي ينتمي إليها، وقبل ذلك دينه؛ فهذه البرامج والأفلام منشؤها ومصدرها دول ومجتمعات لا تؤمن بدين ولا قيم ولا مبادئ، وقد تكون هذه البرامج غير مخصصة أصلاً لمن هم في أعمارهم، ومع ما تؤثّر فيه هذه الأفلام والبرامج والمحتوى غير المناسب فثمة مشكلة اجتماعية أخرى وهي انعدام التواصل بين الوالدين وأبنائهم؛ فالكل مشغول بالجهاز وليس هناك وقت للتواصل والتلقي والتهذيب كما كان في السابق، وحتى لو افترضنا أن هناك ثمة جلسة عائلية ووقتاً يخصصه الوالدان للحديث مع الأبناء فإن البرامج التي يتلقاها هؤلاء الصغار تنسف جميع القيم والمبادئ التي يستمعون إليها

لقد لوحظ في الآونة الأخيرة تنامي السلوك العدواني عند المراهقين وهم لم يخالطوا رفاق سوء، وليس لهم صداقات في المدرسة أو الجيران، ولكن سلوكهم العنيف ارتسم وتبلور مما يشاهده الطفل والشاب من أفلام العنف، وأصبح الأمر معتاداً لديهم وكأنه سلوك طبيعي للحصول على مبتغاه، ولا ننسى اللا مبالاة واستنزاع الحياء في الملبس من خلال التقليد لما يُسمى بالنجوم والمشاهير..!

إن على الوالدين تفادي المخاطر الناجمة من إدمان الهاتف الجوال، والحواسيب الصغيرة، ويجب تخصيص أوقات لهم، وعدم استغراق وقتهم الكامل معها، كما يجب الاهتمام بالجلسات العائلية أو جلسات الطعام، وفي سنين محددة، كما يجب تحديد الوقت المناسب للعمر في استخدام الأجهزة، ويجب على الوالدين تثبيت برامج خاصة في (فلترة) المحتوى، وعدم فتح جميع القنوات والبرامج إلى جانب مساعدتهم في اختيار أفلام وبرامج وألعاب مناسبة لسنهم ومراعاة النوعية التي يمكن أن يشاهدها الطفل، وتنويع هذه البرامج بما ينمي الملكية العقلية، وتوسيع مدارك الطفل بحيث لا تكون جميع البرامج ترفيهية فقط، بل تكون فيه جوانب إثرائية ومعرفية وتعليمية، وتعويد الطفل على النوم المبكر، وعدم السهر على هذه الأجهزة، وعدم استخدامها في غرف النوم، ومناقشة الطفل عقب كل استخدام للجهاز بماذا استفاد، وما الذي أعجبه.

نسأل الله أن يحفظنا، ويحفظ أبناءنا من كل سوء ومكروه.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.