منى زكي في “تحت الوصاية”.. الأم المقهورة التي هزمتها القوانين

الأربعاء 12 أبريل 2023

بيروت_ إيمان إبراهيم

عندما يموت الأب تكتشف الأم أنّها في نظر القانون كائن مهمّش، لا تملك حتى صلاحية تسجيل أطفالها في مدرسة.

ترفع منى زكي في مسلسل “تحت الوصاية” الصوت عالياً للمطالبة بحقوق الأم، التي تجرّد من وصايتها على أولادها بعد وفاة والدهم، فتجد نفسها عالقة بين مهمة النهوض بأسرة فقدت أبرز عمادها، وبين تحصيل حقّ أولادها بعيداً عن سطوة الجد.

تصبح الأم الأرملة تحت رحمة جد أولادها، جد قد يكون مجرداً من العاطفة، أو تحكمه عادات وتقاليد عفا عنها الزمن.

المسلسل ينقل معاناة الأم بكل ما تحمله من قهر، عندما تضطر حنان (منى زكي) للهروب بطفليها تحت جنح الظلام، بعد أن تنقل المركب الذي كان يعمل عليه زوجها لتأمين حياة كريمة لعائلتها.

اضطرت إلى الانتقال إلى منزل عائلة زوجها بعد وفاته، لأنّ والده الوصي على أموال الراحل، رفض دفع إيجار منزلها توفيراً للنفقات. هناك تعيش حياةً خانقة، يحرم الجد حفيده من دروس كرة القدم، لأنّ الأولاد يتعلمون لعب الكرة في الشارع، يحرمه من الدروس الخصوصيّة لأنّه لا يعتبر الدروس أولوية، يعيش بهاجس أنّ المال الذي تركه ابنه الراحل سينفذ، وأنّ عليه أن يقتّر على حفيديه اليتيمن حارماً إياهما من أبسط احتياجاتهما.

لا تملك الأرملة الشابة حقّ الوصاية على إرث ولديها، القانون يقول إنّ الجدّ هو الوصي، ليس على أموال الطفلين فحسب، بل على حقهما في التعليم أيضاً. في دمياط التي تختارها ليلى مكاناً لإقامتها مع طفليها بعيداً عن رحمة الجد، تكتشف أنّه لا يحقّ لها تسجيل ابنها في المدرسة دون الحصول على إذن الوصي، تكتشف في لحظة الحقيقة المرّة أنّ الأم في نظر القانون غريبة عن أولادها، لا تشفع لها حتى رابطة الدم.

“تحت الوصاية” ليس المسلسل الأوّل الذي يتطرّق إلى قانون الوصاية الظالم، هو واحد من الأعمال التي تسلّط الضوء على ظلم القوانين، على أمل أن تتمكّن من إحداث خرق باتجاه تعديلها.

تلعب منى زكي عدّة أدوار في دور واحد، الأم التي كسرتها القوانين، وجدت أنّ لا خيار لها سوى الصّمود، تعيل طفلين يتيمين، تضطر إلى تركهما ساعات طويلة، تعود إليهما محمّلة بالأشواق. في المركب هي القائد الذي يوهم الآخرين أنّه يعرف كل شيء، لكنّها في الحقيقة لا تعرف شيئاً، تحاول أن تبدأ من الصفر، في سوق الأسماك يحاربها التجار القدامى، بحنكتها وفطرتها تدير الدفة لصالحها وتخرج منتصرة بأقلّ الأضرار.

هي الزوجة التي كانت تعيش سعادة مع زوجها، كان وجهها مورداً وملابسها زاهية وحياتها بسيطة، مشهد على طريقة البلاي باك يخبرنا أنّ المعاناة تحفر حتى في خطوط الوجه ولونه. تعيدنا إلى الانتقادات التي واجهت منى بعد نشر البوستر الدعائي للمسلسل، حين تعرّضت لهجومٍ قاسٍ، واتهمت بأنها تشوّه صورة المحجبات وتظهرهن بمظهر البؤس. التزمت الصمت حينها لأنّها عرفت أنّه ما أن تعرض حلقات المسلسل، سيشعر كل منتقديها بالحرج.

المسلسل يسير بإيقاع تصاعدي، يحرّك مشاعر القهر والنقمة على قوانين ظالمة، يدفع باتجاه المطالبة بتعديلها، يخفّف من سوداوية الأحداث علاقة منى زكي بأولادها، والانتصارات الصغيرة التي تحتفي بها.

المسلسل من كتابة خالد وشيرين دياب، وإخراج محمد شاكر خضير وإنتاج “ميديا هب”، وبطولة منى زكي، دياب، أحمد خالد صالح، نهى عابدين، رشدي الشامي، مها نصار، علي الطيب، أحمد عبد الحميد، وغيرهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.