هكذا فقد المودعون في المصارف اللبنانية 51 مليار دولار في 43 شهراً

الأربعاء 17 مايو 2023
منذ اندلاع الثورة في 17 أوكتوبر 2019، وإقفال المصارف اللبنانية أكثر من أسبوعين، بات يتعذّر على المودعين سحب أموالهم من حساباتهم في المصارف، بدأت المشكلة بالظهور عقب فتح المصارف بعد عطلة قسريّة تسبّبت بها الثورة، إذ ابتكرت طرقاً لتقنين السحوبات قبل أن تحجز بشكل شبه نهائي أموال المودعين.
ينتظر المودعون نهاية منصفة لمعاناتهم المستمرّة منذ ثلاث سنوات ونصف، إلا أنّ افتتاحية التقرير الشهري لجمعية مصارف لبنان بدّدت أي رجاء ممكن، أقلّه في المرحلة المقبلة، لناحية استعادة أموال المودعين، إذ أكّد أمين عام الجمعية د. فادي خلف في الافتتاحية أنّ المودعين فقدوا أموالهم.
فقد جاء في الافتتاحية لوماً للسلطات اللبنانية التي وقفت من الأزمة موقف المتفرّج، مستشهداً بأزمة البنوك في الولايات المتحدة وسويسرا حيث قامت حكومتا البلدين بإجراءات عاجلة للحؤول دون انهيار القطاع المصرفي، بينما أصرّ لبنان على العيش في فراغ دستوري آخره الفراغ الرئاسي.
وأضاف “43 شهراً مرّت على بدء الأزمة والحبل على الجرار. لم تعلن مجموعة غينيس عن ذلك كرقم قياسي بعد، فقط لأننا قادرون على تضييع المزيد من الوقت، وقد أثبتنا جدارة في ذلك. ثلاثة وأربعون شهراً، فقد خلالها المودعون 51 مليار دولار من ودائعهم وما زالت الدولة تناقش مشاريع، ثم تسحب بعضها وتعيد صياغة أخرى وإذا ما أقرّت بعض القوانين تبلغت عدم رضى صندوق النقد عنها”.
وأوضح التقرير، “كيف تبدّدت 51 مليار دولار من أموال المودعين بعد 17 أوكتوبر 2019:
1- التسليفات الممنوحة للقطاع الخاص:
بلغ مجموع التسليفات للقطاع الخاص بالدولار ما يزيد عن 38 مليار دولار حتى وقوع الثورة. في نهاية مارس 2023 انخفضت هذه التسليفات إلى حوالي 9 مليار دولار. هذا يعني أنه تم تسديد 29 مليار دولار من أموال المودعين إما بالليرة على سعر 1507.5 أو بالدولار المحلي. ذلك لأن السلطات ألزمت المصارف بقبول التسديد بهذه الطريقة، بسبب عدم اتخاذها الإجراءات التشريعية والتنظيمية اللازمة لحماية أموال المودعين. هكذا تأخير أدّى إلى تغيّر جذري في النظام الاقتصادي اللبناني وتحويله إلى نظام يشبه الأنظمة التي تنادي بإعادة توزيع الثروات، فأصبح مقترضو الأمس أغنياء اليوم ومودعو الأمس فقراء اليوم.
2- التوظيفات الإلزامية بالدولار:
الاحتياطي الإلزامي لتمويل المحروقات والأدوية والطحين، لتمويل احتياجات الدولة من العملات الأجنبية، لدفع رواتب القطاع العام، للتدخل في سوق القطع ودعم العملة الوطنية عبر صيرفة، وغيرها من الاستخدامات غير المعتادة، وكأن الجميع نسي أن الاحتياطي وديعة ذات غاية محددة، مخصّصة لحماية الودائع وحق حصري للمودعين، لكافة المودعين، وكل بنسبة مئوية من وديعته، ولا نقول لجزء منهم أو لمودع صغير أو كبير.
وتابع “هذا ما فقده المودعون حتى اليوم رغم التحذيرات المتعددة التي أطلقتها المصارف، لكن الأخطر هو ما تسرّب من معلومات عن إعطاء أربع رخص لمصارف جديدة ستتعامل بالدولار Fresh حصراً أكان من ناحية الودائع أو التسليفات. هذا يعني بالواقع خلق قطاع مصرفي جديد والقضاء على القطاع المصرفي الحالي مع ودائعه. الجدير بالذكر، أنه في حين يجري اليوم البحث عن طريقة لاستعادة الودائع تأتي الضربة الجديدة لتبدّد كل أمل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.