عثمان جحى الكاتب الحيوي .. يستحقّ هذه الجماهيرية!

12 إبريل 2023

وسام كنعان- دمشق

يعتبر السيناريست عثمان جحى من أكثر الكتّاب السوريين حيوية، رغم كلّ الأزمات المتلاحقة التي تمرّ فيها البلاد على المستويات الإنسانية والسياسية والاقتصادية و المعيشية المسورّة بالحصار الخانق، والعوز اليومي لأبسط التفاصيل، إلا أنّه يصرّ على إنجاز أعماله وتسليمها في الوقت المناسب.

أصلاً لا يملك السوري ترف التوقف عن العمل ولو لفترة! الموسم الحالي كان بمثابة نقلة نوعية بالنسبة  لجحى، رغم أنه سبق وأنجز أعمالاً كبيرة مثل «هارون رشيد» (إخراج عبد الباري أبو الخير بطولة عابد فهد وسمر سامي وقصي خولي)  و «صدق وعده» (إخراج محمد عزيزية بطولة أيمن زيدان وخالد النبوي) لكن هذا الموسم كان الأمر مختلفاً،  فبعد صبر طال انتظاره، وسنوات مرّت على كتابته مسلسله «العربجي» (إخراج سيف السبيعي) أعاد صياغة العمل لمرّات متلاحقة ضمن خطة انضوت على بعض التعديلات التي يتطلّبها السوق، كي يبصر النور أخيراً هذا الموسم، ويلعب بطولته نخبة من نجوم سوريا  بينهم: سلوم حداد، وباسم ياخور، وديمة قندلفت، ونادين، ومحمد قنوع، وروعة ياسين . هكذا، حقق العمل حتى الآن عددا كبيرا من المشاهدات والقبول الشعبي، مع تباين الآراء النقدية: البعض الذي اعتبره وصفة مثالية للمشاهد الرمضاني، فيما أخذت عليه اجترار المفردات الشامية والغوص في لغة ليست عصرية خاصة بما يخص المرأة، إضافة إلى بعض الحلول والصيغ السهلة في تعقّب مسيرة البطل الشعبي. «عبدو العربجي» (يؤدي الشخصية النجم باسل ياخور) الذي تعرّض لجور وظلم أهل حارته فقرر أن ينتقم لنفسه وكشّر عن أنيابه وراح يرد كلّ صاع بصاعين. لأنه اختار أن يعيش بعرق جبينه بشكل شرعي وبعيداً عن الإشكالات، لكنه وجد نفسه أمام استحقاق بخيارين: إما أن يقول الحق، أو أن يسكت عنه، فينحو باتجاه الحقيقة، لتضعه خطوته هذه في صراع شرس مع أقوى أصحاب النفوذ.

هنا يضطر للدفاع عن عائلته ونفسه، ثم يحيله هذا الصراع من شخص يعيش على الهامش، إلى إنسان قوي ومستميت في التصدي للظلم والجور. هي قصّة غير توثيقية لكنها حكاية عن الظلم والمظلوم تصلح للكثير من الحالات وتنسجم مع العديد من الأزمنة فيما وصلت ذروة التعاطف عند تنفيذ مشهد الاعدام الذي يخشع فيه العربجي ويناجي ربّه، وقبل تنفيذ الحكم تمرّ جوقة من الدراويش وهم في حضرة ذكر، تؤخر تنفيذ الحكم، فيصل فجأة أحد أصدقاء العربجي ومعه فرمان من الوالي بإعفائه. المشهد حرّك وجدان الجمهور وأثار تعاطفه وأعاده بحنين لأيام عزّ الدراما الشامية التي أسس لها الراحل بسّام الملّا. في كل الأحوال يجيد عثمان جحى برفقة شريكة مؤيد النابلسي لعبة التشويق، ويعرف جيداً مواصفات الجمهور الرمضاني، ويقدّم خلاصة تجربة مميزة فيقطف اهتماماً إعلامياً صريحاً ومواكبة جماهيرية عريضة يستحقّها بجدارة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.