“النار بالنار” قد تحرق معاركه الأخضر واليابس!

25 سبتمبر 2023 

وسام كنعان- دمشق 

قبيل رمضان الماضي حوصر مسلسل “النار بالنار” (كتابة رامي كوسا وإخراج محمد عبد العزيز وبطولة: عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز وطارق تميم وساشا دحدوح وآخرون وإنتاج “الصبّاح أخوان”) بطاقة سلبية سببها خلاف نشب بين المؤلف والمخرج سرعان ما تدحرج نحو التهاوي، لدرجة القطعية نتيجة رغبة المخرج تعديل النص، واعتبار المؤلف بأن التجربة وفق ذاك المنطق ستذهب إلى أماكن لا تشبه حكايته!

الشركة المنتجة من ناحيتها قررت دعم مخرجها والمضي معه قدماً إلى الخيارات التي يرتئيها. والنتيجة كانت مرضية عموماً على الأقل لصنّاع المسلسل خاصة الجهة المنتجة والمخرج باعتبار أن العمل لقي استحسان شريحة لابأس بها من المشاهدين، لكن المبضع النقدي التقط هنّات عديدة فيه، خاصة من ناحية التناقض التي تقع فيه بعض الشخصيات، وتسطيح مسألة الخلاف السوري اللبناني، والعنصرية المتبادلة بصيغة لا تنضوي على عمق معرفي كافي، أو غوص صريح  في جوهر هذا الخلاف، والشكل الذي ظهر فيه على أرض الواقع، وحال العنصرية الفعلية التي تعرّض لها اللاجئين السوريين في بعض المناطق اللبنانية، عدا عن توهان الشخصيات في نهايات لا تنسجم نهائياً مع منطق بنائها و تصاعد خطّها البياني، إضافة إلى إقحام غير مبرر لملامح صوفية، وظهور “الشيخ الأكبر” محي الدين بن عربي في مشهد مخجل خاصة أن العمل استعان بكومبارس تغلب على أدائه اللهجة اللبنانية. على أية حال انتهى عرض المسلسل وكان أكثر من لمع فيه الممثل اللبناني طارق تميم لصوغه شخصية الشيوعي المهزوم بمنطق مترف بالغنى!

كاريس بشار  لـ “نص خبر” : “ردّي على محمد عبد العزيز سيكون قانونياً بكل تأكيد”

لكن الخلافات لم تتوقف، بل استمرّ التناحر بشكل أكثر حدّة، خاصة على صفحات الفيسبوك، لتزيد النجمة السورية كاريس بشّار الطين بلّة، عندما أطّلت في برنامج “كلام نواعم” على قناة MBC1  واتهمت المخرج بـ “عدم الأمانة المهنية للنص ومحاولة دعم خطّ ابنه تيم عبد العزيز اليافع الذي يمثّل للمرة الأولى تقريباً، مقابل اختصار مشاهد للأبطال الرئيسيين! فجاء الرد قاسياً على صفحة عبد العزيز  بمنشور طويل.. لاحقاً وفي أحد لقاءاته الإعلامية جرّب المنتج صادق الصبّاح لمّ هذا الانهيار المهني والتراشق المؤذي، عندما قال بأنه من غير المبرر خروج الخلافات داخل البيت الواحد إلى العلن، وأعاد دعم مخرجه الذي سيعيد التعاون معه في  مشروع جديد، ومضت القصةّ إلى أن أعلن قبيل حفل توزيع جوائز الـ “موريكس دور” في لبنان لهذا العام عن مصالحة بين كاريس والصبّاح، والتصريح عن نية العمل معاً مجدداً، ثم عقد المهرجان الفني الذي اعتادت شركتا “الصبّاح” و “إيغل فيلمز” حصد غالبية جوائزه سنوياً! هكذا، وكما كان متوقعاً توّج “النار بالنار” بعدّة جوائز أبرزها جائزة النجمة كاريس بشار كأفضل ممثلة في الدراما المشتركة عن دورها في هذا العمل. فيما تسلّم المنتج إحدى جوائز المسلسل، وسط غياب مخرجه الذي قرر الاحتفاء بالجوائز عبر صفحته على الفيسبوك وقال بأنه “أعاد صياغة مسلسله مشهداً مشهداً لذا حقق تلك الجوائز” ثم وجه حقيبة “تشكرّات” مستثنياً منها كاتب النص ونجمته كاريس بشار التي قرر شن هجوم غريب عليها. اتهمها فيه بالأمية والجهل وسلسلة طويلة من الشتائم بلغة غريبة عجيبة فعلاً.. المفارقة بأنه أشار بداية للاسم المقصود بالحرف الأوّل من اسمها، وبعد يومين أعاد تعديل المنشور ليذكر الاسم صراحة وهو ما اعتبره بعض المتفاعلين على أنه نوع من “الاحتيال” الافتراضي على حدّ زعمهم، لأنهم تعاطوا مع تعقيب نقدي حاد ضد حالة عامة، لكن لا يمكن لهم الموافقة على مثل هذه الشتائم بحق نجمة بقيمة وحجم وموهبة كاريس بشار، والتي اختصرت بدورها الرد على الموضوع كلّه بجملة واحدة قالتها لـ “نص خبر” : “رّدي سيكون قانونياً بكل تأكيد” بمعنى أنها ستباشر بإجراءات دعوى قضائية ربما تزيد من عمق الخلاف وتجذّره أكثر!

بكل الأحوال لا يستحق مسلسل تلفزيوني مهما بلغت قيمته وأهميته وحجمه، كلّ هذا التراشق، وتبادل الاتهامات الكبيرة، ورمي الشتائم الجزافية على الفضاء العام، كما تستوجب الظروف القاسية التي نعيشها في سوريا ولبنان مساحة إضافية من المرونة أثناء صناعة مادة فنية إبداعية، على أن تبقى الخلافات ضمن سياقها الصحي علّها تكون فرصة لإغناء وجهات النظر وإضاءة الأماكن المعتمة!

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.