المخرج السوري جود سعيد: نحن شعب يكره الأسئلة إذ لا إجابات لدينا!

23 مايو 2023

حاوره: هاني نديم

كان يعلم جود سعيد أن السينما السورية مخاضها عسير، مسارها وعر ودقيق و”بالقطارة” إلا أن ذلك لم يمنعه من نيل شهادة الماجستير من فرنسا والعودة إلى دمشق ليعيش حلمه في تعزيز السينما السورية والتي وإن شحّت كمّاً إلا أنها حاضرة في معظم المهرجانات الكبيرة ومحط تقدير الجوائز والفيمين عليها.

أخرج جود سعيد أكثر من عشرة أفلام بين قصير وطويل، فاز معظمها بجوائز عربية وعالمية، وكان آخرها رحلة يوسف من بطولة الفنان السوري الكبير أيمن زيدان، كما قدم للدراما السورية خريف العشاق، ذلك العمل الذي يصعب نسيانه.  

التقيته في دردشة سريعة حول السينما السورية وأحلامه الشخصية. سألته:

  • كل هذه الدراما السورية العظيمة والسينما تكاد تكون غير موجودة.. هل عجز السوريون عن إيجاد حل لهذا الأمر؟ ما رأيك في هذا؟

– الحكاية تتعلق بمستوى الوعي المعرفي، أن تكون مستهلكاً للفرجة أو فاعلاً في معناها، وكذا الفرق بين أمة تصطف في الطابور لتأخذ من فيلم معنىً وأخرى تلهو بالريموت لتمرر الوقت.

لا يعني هذا أني ضد الفرجة للتسلية على العكس ولكن ما معنى أن نكون فقط لنمرر الوقت – التسلية- معنى ذلك أننا غبارٌ سيمحى ولا يذكره أحد ..السينما في جانب من جوانبها تسلية وفي غالبها معرفة، أما الدراما فهي استطالة للوقت قد تحمل عبرة هنا وموقفاً هناك ولكنها لا تؤسس لأسئلة، ونحن شعب يحب ألا يسأل!.. فمن أين لديه الإجابة؟

 

  • السينما السورية نوعية وليست كمية، تلك جملة قد تثير تهكم النقد الأكاديمي.. أريد رأي جود سعيد بصراحة بالسينما السورية وتراكمها؟

– لا سينما سورية وإنما تجارب أفراد حاولوا أن يقولوا رأيهم في ماهيتنا وإن كان بمواربة لسبب الرقابة أو بخجل لقلة المعرفة.

الأفلام السورية ذات القيمة نادرة وذلك مرده أننا كما أجبت سابقاً نحب السهل ولا نعذب أنفسنا في مواجهة العمل الفني ووضع ذواتنا أمام أزماتها، نحن نمارس التزحلق على السطح ونكره الغوص لداخل سواد مشاكلنا.

الحل هو في تدخل معرفي من أعلى (النخب بقرار مؤسساتي) وجعل الخطاب السينمائي ضرورة لبناء الذاكرة، كي لا نموت دون إرث يحكي من نحن.

أنا حلمٌ سينمائي يمشي على قدمين!

 

  • ما مشروعك الشخصي، ماذا تريد ان تقول من خلال كاميرتك ونصوصك وأفلامك؟

-مارست الكتابة منذ سن العاشرة، لأن سؤالي الدائم كان من أنا؟ وهذا ما لن أعرفه إلا يوم أتوقف عن صناعة الفيلم كتابة وتجسيداً بصرياً فهما لا ينفصلان في معنى السينما كفن.. فهناك كما قال بازوليني سينما للأسئلة وأفلام للتسلية كما أسلفنا، من هنا مشروعي هو أسئلة، أسئلة أوجهها لي أولاً في الهوية مضموناً والجمال شكلاً، ذلك الشكل الذي يقودك للمعنى وربما للراحة الأبدية قبيل الغياب.

 

  • لماذا اتجهت إلى السينما، ما هو تكوينك الأول والإشارة الأولى التي جعلتك تقول: أنا سينمائي

-سأقولها صراحة، لست نادماً على اختياري السينما مهنةً وسبب حياة، بل ربما سؤال وجود؛ ولكن مع مرور الزمن أندم أني أصنعها حيث لا يحتفى بها وحيث تُعامل كجدّة تعاني خرفاً وفشلاً كلوياً فنضع لها قثطرة بولية كي تبقى حيّة فلا يليق بنا أن نكون بلا جدّة!

بدأت حكايتي من قصص جدتي لأبي، كنت أرى دجاجتها “زهوة” على السقف والجقل بو زهري يحتال عليها لتخرج من القن بينما الجقل بو غرة يراقب باب بيت جدتي كي يعطيه إشارة الهرب فيما لو خرجت. واستمرت قصتي وأنا أروي لرفاقي في الابتدائية قصصاً لم تحصل عن سفرات بعيدة ومغامرات كنت أعيد صياغتها مما اسمع في بيتنا.

لاحقاً كنت أغضب دوماً عندما يقول لي أساتذة العربية أني أكتب صوراً وليس مواضيع تعبير، لم أعرف يومها أن ذلك هو أنا. حلم سينمائي يمشي على قدمين!

في العام ٩٩ وفي مهرجان دمشق بعد مشاهدة زمن الغجر لأمير كوستاريكا، قلت لصديقي عند الرابعة فجراً سأصير سينمائياً، ذهب للتبول عند شجرة وقال لي “ماشي”…!

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.