أعمال خالدة صحيح.. لكنها رديئة!

هل فتحت يوماً رواية الأخوة كرامازوف أو دونكيشوت وشعرت بالملل وتعرّقت وتأففت، وتفاجأت كيف يحتفي العالم بهذا العمل ويعدونه من كتب البشرية الفارقة؟

حسنٌ، لست وحدك في هذا، إن أي عملٍ أدبي سيحبه فلان ويكرهه علتان مهما علا شأنه وبلغت شهرته. ذلك لأنه -ومن وجهة نظري- أن للكتاب موجات ترددية مثلما للجسد والروح موجات ترددية، فإن لم يتوافقا ويتناغما، سيظلا طول العمر في نفور.

قرأت دونكيشوت وأنا في حالة من السعادة والهدوء الريفي والتأمل الذهني، فوقعت مني موقعاً بديعاً وأصبحت كتابي الأدبي المقدس، وقرأت يولسيوس وأنا في حالة قلق وإحباط ولم أكمله، وحاولت أن أكملها مرات عديدة وفشلت.

لست وحدك ولا يجب أن تخجل من رفضك لعمل ما يجمع عليه أصدقاؤك.

شارلوت برونتي الروائية الإنجليزية الشهيرة صاحبة “جين أير” روايتها الشهيرة تقول لصديقتها في رسالة مكتوبة عن رواية كبرياء وتحامل لجين أوستن، وهي رواية بلغت مبلغاً عظيماً في الأدب الأمريكي والعالمي: ” لماذا تحبين جاين أوستن كثيراً؟ أنا في حيرة من هذه النقطة. ما الذي دفعك إلى القول إن كبرياء وتحامل هي رواية عظيمة؟ لقد حصلت على الكتاب وقرأته. وماذا وجدت؟ صورة دقيقة من التنميط الغربي البرجوازي؛ حديقة مسيجة بعناية ومزروعة بأزهار حساسة، ولكن لا يمكن للقارئ أن يمر داخل الحديقة ويلقي نظرة عليها، رواية من غير هواء نقي، ولا تلال زرقاء، لا أريد العيش مع سادتها في منازل أنيقة ولكنها بليدة، ربما تثير هذه الملاحظات غضبك، لكنه رأيي”.

صاحب رواية “المال” البريطاني مارتن أميس، يقول عن دونكيشوت: “دون كيشوت تحفة إنسانية لا ريب فيها، إلا أنها تعاني من عيب خطير، الكتاب مليء بالجمال والسحر والكوميديا ​​الرفيعة؛ لكنها في 75% منها، مملة بشكل غير إنساني”.

أليزابيت بيشوب، إحدى أشهر شاعرات أمريكا والعالم، تقول عن “الحارس في أرض الشوفان”، رواية جيروم ستالينجر التي فاقت شهرتها شهرة سوبرمان: “كرهت رواية ستالينجر. لقد استغرق الأمر مني أيامًا لأعلن هذا بحذر شديد، قرأتها بعناية صفحة تلو الأخرى، وكنت أحمرّ خجلاً من كل جملة سخيفة أقع عليها. كيف يتركونه يفعل ذلك؟ كل جملة معجبة بنفسها، تعلق على نفسها ثم تعلق على نفسها، وهل صحيح أن نيويوركر لا تستطيع تغيير كلمة يكتبها ستالينجر؟ هذه الرواية مملة بشكل لا يطاق”.

أما فلاديمير نابوكوف يقول في حوار صحافي: “إذا كنت تلمح إلى تسمية أسوأ روايات دوستويفسكي، فأنا في الواقع أكره بشدة “الأخوين كارامازوف” و”الجريمة والعقاب”. أعمال مروعة في حقيقة الأمر، أنا لا أعترض على البحث عن النفس وكشف الذات، ولكن هنا هو بحث ممل ومشوش”.

رواية أوليسس وقعت بين يدي فرجينيا وولف فكتبت: “قرأت أوليسيس، حسن، هل علي أن ألفق قضيتي؟ يتم تسلية القارئ في بدايتها ثم ماذا؟  حيرة وملل وغاضبة وخيبة أمل! كيف يضعها إليوت على قدم المساواة مع رواية الحرب والسلام! أنه كتاب أميّ، لعامل علّم نفسه بنفسه، وها نحن نقرأ مدى غروره وعناده وخشونته، إنه كتاب مقزز”.

عزيزي وصديقي القارئ، إننا هنا نتكلم عن روايات عدها النقّاد تحفاً خالدة ورفضها القرّاء، فما بالك لو قرأنا عملاً أدبياً رديئاً بكل معنى الكلمة؟ إنه عذاب وضنى وضنك، إياك أن تختبر صبرك حتى وإن كان واسعاً. فسوف يظهر هذا لاحقاً على شكل كبسولات لضغط الدم، أو خرقٍ بالحجاب الحاجز أو فتقٍ في مكان لا يصح ذكره!

فلاديمير أوكنور يقول: أسوأ الروايات التي تصدر رائحة كريهة، هي تلك التي تعتقد نفسها دونكيشوت! أما جون دوس باسوس فيقول: أتمنى من الله يوم القيامة أن يعاقب أصحاب الأعمال الأدبية الرديئة بالتأمل القسري في أعمالهم.. هذا يكفي!

 

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.