Depp V. Heard أسوأ ما قدّمته “نتفليكس” شكلاً ومضموناً

24 أغسطس 2023
إيمان إبراهيم-بيروت

Depp V. Heard واحد من أسوأ ما قدّمته منصّة “نتفليكس” منذ أن بدأت تنتج وثائقيات، الأسوأ شكلاً ومضموناً ومعالجةً، وثائقي من 3 حلقات محشوّة وفارغة، يبدأ وينتهي دون أن تدرك المغزى من إنتاجه.
لم يمرّ سوى 14 شهراً فقط على المحاكمة العلنية بين نجم “قراصنة الكاريبي” جوني ديب، وطليقته أمبر هيرد.
محاكمة استمرّت شهرين، تلقّفتها وسائل الإعلام، عُرضت تفاصيلها على اليوتيوب والفايسبوك وإنستغرام وتيك توك وتويتر قبل أن يصبح اسمه X.
جلسات علنيّة حاصرتنا من كل الجهات، إلى أن صدر الحكم النهائي الذي حوّل ديب من جلاد إلى ضحيّة، وحوّل هيرد من ناجية إلى مدّعية.

وثائقي مخادع
محاكمة لم يمرّ عليها الزمن بعد، ثم تأتي “نتفليكس” وتقدّم وثائقياً مخادعاً. توهمك أنّه رغم المحاكمات العلنيّة ثمّة ما لا تعرفه.
تتساءل ما جدوى إعادة الحديث عن موضوع لشدّة ما استهلك لم يعد ثمّة ما يُحكى عنه؟
تشعر في مكانٍ ما أنّ “نتفليكس” ستجري مقابلة مع هيرد تخبرنا فيها عن تداعيات الحكم، وكيف تحوّلت من امرأة مثّلت يوماً صورة المرأة المعنّفة، التي تقود حملة توعية لنساء العالم، إلى المرأة الجبّارة التي استخدمت ضعفها لتلوي ذراع رجلٍ تركها في منتصف الطريق، معتمدة على فكرة أنّ أحداً لن يصدّق أنّ هذه النّعومة قد تلوي ذراعاً، وتعنّف الكابتن سبارو المخادع وتقطع إصبعه، ثم تظهر بعينين بريئتين وتدّعي أنّها ضحية عنف، في مجتمع يحاسب المعنّفين ولا يعطيهم أعذاراً تخفيفية حتى لو كانوا نجوماً كما هي الحال عندنا.

وقد تمنّي نفسك بمقابلة مع ديب، أمنية تبدو صعبة المنال، لأنّ النجم الخارج بانتصار مدوٍ انتشى بما يكفي، ولم يعد لديه ما يحتفل به.
لكن ماذا عُرض على مدى 3 حلقات؟ مجرد فيديوهات حفظناها، ظهر فيها الطليقان أحدهما يفضح الآخر، نفس المقاطع الصوتية التي سجّلها كلٌ منهما للآخر ليستخدمها عند اللزوم، ما يثبت أنّ العلاقة كانت سامّة، وكان كلاهما لا يأمن جانب الآخر، ويترصّد زلاّته ويسجّل دلائل تدينه يوماً ما.

حشو فارغ
وماذا أيضاً؟ لا شيء.. فهذه المقاطع لا تملأ حلقاتٍ ثلاثة كان أبطالها روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، المشهورون منهم والمؤثرون، وأصحاب الحسابات التي لا يتابعها إلا أصحابها وقلّة قليلة لا يقام لها وزن في عالم السوشال ميديا.
قدّم الوثائقي نفسه على أنّه سيتناول بالتفصيل وقائع المحاكمة، لكنّ هذه الأخيرة لم تأخذ سوى حيزاً بسيطاً من الحلقات الثلاثة، التي ركّزت على تفاعل الناس مع الجلسات، وكيف تحوّلت جملٌ قيلت في إحدى الجلسات إلى فيديو طريفٍ ساخر، وكيف كان الناس يتابعون عبر هواتفهم وشاشات التلفزيون والكومبيوتر وقائع الجلسة، وهي مشاهد مركّبة تفتقر إلى العفوية، بعضها لا يخلو من استظراف مقيت، في جو ضاغط.
تشاهد الحلقات الثلاثة دون أن تدرك ما المغزى من كل هذا الحشو؟ لماذا علينا أن نشاهد كيف تفاعل أناس لا نعرفهم مع المحاكمة العلنية على مواقع التواصل؟

المليارات المثيرة للريبة
يدفع الوثائقي باتجاه براءة ديب من الحلقة الأولى، يلقي الضوء على حملة التعاطف التي حظي بها، مقابل حملة الغضب التي أحاطت بأمبر هيرد، يدفع المشاهد الذي لم يتابع المحاكمات إلى نبذ هيرد. وفي النصف الثاني من الحلقة الأخيرة، يحاول أن يخلق نوعاً من التّوزان.
يخبرنا أنّ هيرد جمعت ملايين التغريدات المتضامنة، مقابل أكثر من مليارين لجوني ديب، وأنّه تبيّن لاحقاً أنّ معظم الحسابات التي شاركت في دعمه هي حسابات وهمية لا يتابعها أحد، تم إنشاؤها للمشاركة في الحملة والتأثير على سير المحاكمة.
قبل نطق الحكم، تتوجّه القاضية بطلبٍ إلى المحلفين بعدم متابعة مواقع التواصل كي لا يتأثروا بأحكامهم، يغيبون أسبوعين تكون كافية ليحاكموا هيرد بعد أن حاكمتها مواقع التواصل. يخرج الوثائقي بنتيجة أنّ العدالة لا تعكس دائماً إحقاق الحق، هي فقط ما يقتنع القاضي والمحلفون أنّه الحقيقة.

نصف الحقيقة
كان ديب أكثر إقناعاً، كذبت هيرد ببعض الأمور، عندما قالت إنّها ستتبرّع بتسوية طلاقها لجمعيات خيرية ولم تفعل، يبدو الكذب مبرراً، فعند الحماس قد تعد بالكثير، لكن على أرض الواقع قد يكون التخلّي عن 7 ملايين دولار أمراً يفوق قدرة المرأة التي وقعت على صيدٍ ثمين. كذبات صغيرة جعلت من كل ما تقوله الشقراء الجميلة كذباً حتى لو ثبت العكس.
تعيد تقييم المحاكمة، كيف اعترف جوني ديب أنّه عاش كما هيرد في كنف عائلة مفككة، كانت والدته تطلب منه أن يجلب لها حبوباً مضادة للاكتئاب، وفي عمر الحادية عشر جرّب حبوب السعادة للمرة الأولى، ثم غرق في الإدمان.
يعترف ديب وهيرد أنّ معظم مشاكلهما سببها إدمانه على الكحول، لكنّه في النهاية ينتزع فوزاً مزلزلاً، ليقفل الباب على واحدة من أقذر المحاكمات، التي استخدم فيها الطرفان كل الأسلحة المتاحة، لتعود اليوم “نتفليكس” وتفتحه من جديد، فلا تجد فيه ما يثير الدهشة، والنتيجة وثائقي محشو بالكثير من التفاصيل المزعجة، خالٍ من أي جديد، مجرد مضيعة للوقت، حصد تصنيفاً منخفضاً جداً 4.8/10  من IMdB و 38% من Rotten Tomatoes لا يستحق المشاهدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.