“كريستال” في حلقاته الأولى.. استنساخ حرفي والإخراج أبرز نقاط ضعفه

3 يوليو 2023
“نص خبر”- بيروت
أطلقت منصة “شاهد” يوم أمس الأحد 3 حلقات دفعةً واحدة من المسلسل “كريستال” المعرّب عن المسلسل التركي “حرب الورود” (بطولة باميلا الكيك، محمود نصر وستيفاني عطا الله)، بعد أيام على انتهاء مسلسل “الثمن”.
الحكم على المسلسل من بدايته غير منصفٍ، خصوصاً في الدراما المعرّبة التي تمتدّ إلى 90 حلقة، تضع كل ثقلها في البدايات، ثم تتراخى ويخفت إيقاعها وتدور في دوامة الروتين والملل، لكن ما يمكن قوله عن “كريستال” إنّ بدايته كانت استنساخاً حرفياً للنسخة التركية.
لم تخرج الأحداث والحوارات والشخصيات عن المسلسل التركي، أراد صنّاع العمل الالتزام حرفياً بالعمل الأصلي، أقلّه في بدايته، وهو ما دأبت عليه المسلسلات المعرّبة، تختلف درجة الاقتباس، وقدرة الكاتب على الاجتهاد دون أن يبدو دخيلاً على النسخة الأصلية، وغالباً ما يكون الاجتهاد في النهايات، لتقديم أحداث غير محروقة سلفاً.
يبدأ “كريستال” من قصر آل كرم، حين يموت الوالد وتعود ابنته مصممة الأزياء الشهيرة عليا (باميلا الكك) من الخارج لحضور جنازته، ثم تبقى في القصر بناءً على وصيّة والدها بالقرب من شقيقها باسل الذي يعاني أمراضاً نفسية حادّة.
في القصر نفسه، تقيم فاي (ستيفاني عطا الله) ابنة الناطور مع والدها وشقيقاتها، تنهي دراسة تصميم الأزياء متأثّرة بعليا مثالها الأعلى، لكن عندما تعود هذه الأخيرة، تتساقط الكثير من المثل.
الطبيب جواد فياض يعود من الخارج أيضاً تنفيذاً لوصية والد عليا، ليدير المستشفى الخاص به، تلتقي به فاي صدفة، ثمّ تتكرّر الصّدف، توطئةً لعلاقة عاطفية ستكون محور الأحداث المقبلة، حين تقع فاي في حب جواد، وتنافس عليا على قلبه.
الأحداث تسير بطريقة سلسلة، لا تسارع ولا بطء، يؤدي الممثلون الثلاثة المطلوب منهم باحتراف، باميلا بصورة المرأة القاسية، متبلّدة الأحاسيس، تعيش تحت وطأة سرّ يؤرقها، وجعها الحقيقي شقيقها باسل، وحبّها الذي لم تشفَ منه لجواد، وعلاقة ملتبسة مع والدها دفعتها إلى إقامة حفلٍ بعد أسبوع على وفاته.
أما ستيفاني، فتؤدّي دور الفتاة الفقيرة الغنية بأحلامٍ تناطح السّحاب، ترى مثلها الأعلى مجسّداً بعليا ابنة القصر الجميلة، الموهوبة، تراه يتساقط أمامها، تعيش حالة إنكار.

هي فتاة تشبه كل الفتيات، لكنّها تتميّز عن الكثيرات منهن بإصرارها، وقوّتها وشغفها، نموذج جميل تؤدّيه ستيفاني ببراعة.
محمود نصر بدوره يلعب دور الطبيب المثالي، شاب وسيم، نبيل، ذكي، شجاع، يمتلك كل مواصفات فارس الأحلام التي لا تجدها إلا في الرّوايات، هو من الشخصيات التي تتمنّى أن تخطىء كي تصدّقها، أن تتعثر وتنهض كي تشعر أنّها من لحم ودم، وليست مجرّد شخصية خيالية هاربة من قصّة رومانسية.
الطبيب سيكون محرّك الأحداث، لكن بعيداً عن القصّة المعروفة سلفاً، يبدو نصر متمكّناً من أدائه، يتمتّع بكاريزما طاغية وحضور جذّاب.
الحوار في المسلسل سلس، لكن بعض الأحداث التي تمّ نقلها حرفياً عن النسخة التركية بدت دخيلة على المسلسل، نافرة لا تشبه مجتمعنا، معضلة الأعمال المعرّبة أنّها لا تقيم أي اعتبار للاختلافات بين المجتمعات العربية والمجتمع التركي، فتبدو بعض الشخصيات مصطنعة، حتى لو لعبها أبرع الممثلين وأكثر موهبةً.
أما الإخراج فبدا الحلقة الأضعف، تنفيذ مشهد الحريق في القصر بدا غير محترف على الإطلاق.
المسلسل هو امتداد لظاهرة جماهيريّة عزّزها النجاح الكبير لمسلسل “ستيليتو” الذي صوّر في تركيا، تبعه مسلسل “الثمن” الذي حظي بنسبة مشاهدة كبيرة، ثم خفت إيقاعه وحظي بانتقادات واسعة، ليأتي “كريستال” اليوم ويضع صنّاع الأعمال المعرّبة أمام تحدٍ كبير، إما استمرار هذه الظّاهرة بنجاحها على استقطاب الجماهير، وإما أن يكون مصيره مثل “الثمن”، يصبح بعده التورّط في مشاهدة مسلسل من 90 حلقة قد يخذل المشاهد في منتصف الطريق مغامرة غير ممتعة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.