عارف الساعدي: الشعر من أخذ بيدي.. والشعر من أوصلني

29 مايو 2023

حاوره: هاني نديم

يقف عارف الساعدي في مساحة شعرية خاصة جداً، يرسم وينحت ويؤطر ويقدم قصيدته في كادر مشبع بالسحر، إنه أحد رموز جيلنا بقوة دفعه وتأثيره واشتباكه الثقافي، إلى جانب مجموعات شعرية عدة ومباحث في النقد والشعر، يدير الساعدي دار الشؤون الثقافية العراقية، وشؤون الرئاسة العراقية الثقافية حيث يعمل كمستشار للرئاسة، اقتحمت وقته ومكتبه وأوراقه وانشغالاته بغلظة و”موانة” صديق قديم وكان هذا الحوار: 

  • عارف الساعدي الشاعر الكبير، دعنا نطمئن أن تكاليفك الإدارية لن تسرق منا الشاعر الذي نفتخر به في جيلنا. كيف توافق بين الأكاديمية والمنصب والشعر؟ كيف تقضي يومك؟

– شكرا أخي وصديقي الأعز هاني على خوفك على الشاعر في داخلي، بالتاكيد كما تعلم الشعر هو من فتح هذه البوابات، فهو الذي عرفني عليك وعلى كل الأصدقاء وهو من أخذ بيدي لكي أحب وأعمل وأكمل الدراسة، وهو من قادني لكي أكون مديرا ومستشارا واتسنم مناصب عليا في الدولة العراقية، بسببه هو لا غير، ولهذا سأبقى حريصاً على مرافقته والوقوع بين يديه دائماً، وعلى الرغم من أن كل ارتباطاتي الإدارية هي في ميدان الثقافة والفنون والأداب؛ ولكن بصراحة انشغلت كثيرا كثيرا ولا يمكن لوحي الشعر أن يأتي في خضم بريدي اليومي، العمل الإداري مرهق رغم فرحنا بما يمكن أن نسميه إنجازا في بعض المفاصل، ولكن على حساب الوقت والشعر والعائلة.

 

  • وقعنا معاً منذ عشرين عاماً على بيان لقصيدة الشعر وإحياء الحداثة في الشعر العمودي، أين أصبح هذا الحلم، وكيف تطول وتحرك، وما رأيك بالعمودي الذي يكتب اليوم؟

– طبعا كنا شباباُ ومندفعين كثيراُ وأردنا أن نترك بصمة في الشعر العربي؛ حالنا حال الأجيال التي سبقتنا فلذلك ذهبنا الى مشروع قصيدة الشعر ووقعنا على البيان الخاص بها والذي يدعو إلى تطوير وتحديث النص العمودي الذي كنا نسميها قصيدة البيت وليس العمودي، ونافحنا كثيرا عن مشروعنا وهي جزء من حلمنا في تحقيق ذواتنا ووجودنا وبالفعل استطاع المشروع أن يرسخ في الشعرية العراقية والعربية وأن يحظى بعشرات الدراسات والبحوث، وقبل أيام ألقيت محاضرة في الجامعة المستنصرية كلية التربية قسم اللغة العربية على طلاب المرحلة الأخيرة في مادة الشعر العربي الحديث، حيث وضعت الوزارة مفردة قصيدة الشعر كمادة من مواد الدراسة وهذا كان أمراً لا نحلم به أصلا لأنه فوق الخيال، ومع كل هذا فإن الحلم تبخر الآن والفتيان اكتهلوا وكل ذهب إلى مشروعه الخاص به ، لذلك أنظر الآن إلى مشروعنا بوصفه جزءاً من تاريخنا الأدبي وليس من بناه الرئيسية، أما ما يكتب الآن من شعر عمودي؛ ستجد التماعات رائعة لدى عدد من الشعراء، ولكن هناك ردة سيئة لدى المئات من شعراء العربية الذين يكتبون بطريقة رصف الكلمات الخالية من الروح ، وللأسف كرست موسسات لهذا العمل _ بدون وعي أكيد _ مثل الجوائز والمناسبات والاحتفاليات كلها اسهمت بانتكاس الشعر العمودي وتحوله إلى شجرة مسنة لا ورق فيها.

 

ستجد التماعات رائعة لدى عدد من الشعراء الذين يكتبون العمود، ولكن هناك ردة سيئة لدى المئات من شعراء العربية الذين يكتبون بطريقة رصف الكلمات الخالية من الروح

  • المشهد الثقافي العراقي بأسمائه المكرسة والوفرة الهائلة في الكم والكيف، هل ترى أنه يحقق عربياً وعالمياً ما يؤمل منه؟ ما هي تحدياته وما أبرز منجزاته؟

– فعلاُ العراق فيه مشهد رهيب من الأسماء الثقافية وفي كافة القطاعات من التشكيل والموسيقى والنحت والأدب والفن ولكن هذه الكثرة على أهميتها لم تصنع كيفًا أو نوعاً مائزا ومختلفا كما صنعته أيام الأربعينيات أو الستينات، ويبدو أن الكثرة ليست في صالح الفنون، بدليل أن هناك بلدانا لا تملك إلا نسبة ضئيلة من حيث الكم إبداعيا ولكن من يظهر فيها يحقق حضورا كبيرا ومهما للغاية، التحديات تكمن في طبيعة التعامل مع الحريات في الكتابة والإشهار عنها، وتكمن في علاقة الثقافة بالسلطة التي لم تحل إلى الآن، فهل هي علاقة تنافر أم توافق، وهل على الدولة رعاية الثقافة أم تركها بدون رعاية، ما زال الأمر ملتبساً حقا في هذا الشأن، أما منجزات الثقافة العراقية فهي واضحة، بصراحة منذ الأربعينات والعراق يتصدر فكرة الريادة والتجديد والتحديث، والحضور الثقافي العراقي عربياً رائع ومؤثر من خلال كبرى الجوائز التي يحصدها الكبار من مثقفي العراق وبشتى التخصصات.

علاقة الثقافة بالسلطة لم تحل إلى الآن، فهل هي علاقة تنافر أم توافق، وهل على الدولة رعاية الثقافة أم تركها بدون رعاية؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.