“خياط” نتفليكس.. لهذه الأسباب لا تشاهدوه

24 يونيو 2023
إيمان إبراهيم- بيروت
ينتظر مشتركو “نتفليكس” في 28 يوليو الموسم الثاني من المسلسل التركي “الخياط” The Tailor، الذي انطلق عرضه الشهر الماضي وحقّق نجاحاً كبيراً.
هو من الأعمال التي لا تمرّ مرور الكرام، تسجّل فيها “نتفليكس” التي حرّرت الدراما التركية من معضلة المطوّلات نجاحاً جديداً، مع دراما نفسية بطلها ليس الممثلين فحسب، بل السيناريو والحوار والإخراج وحتى الموسيقى التصويرية.

عندما كان طفلاً لوالد يعاني من تأخّر عقلي شديد وأمٍ لا يعرف هوّيتها، عاش بيامي (شاتاي أولوسوي) صراعاً، بين شفقته على والدٍ لا حول له ولا قوّة، وبين شفقته على الذّات وهو يعاني سخرية أصدقائه، كان يضطرّ إلى التدخّل لردعهم عن والده، ثم يعود إلى جدّه مكسور الخاطر، أراد أن يبتعد عن كل هذه الأجواء فكان له ما أراد.
معاناة فجّرت فيه إبداعات، أصبح واحداً من أشهر مصمّمي الأزياء. يبدع ويلمع لكنّ الماضي عندما يلوح بذكرياته ترتعد يداه. موت الجد يقلب حياة بيامي الشاب، فيجد نفسه مضطراً من جديد لرعاية والده.

صديقه الوحيد ديمتري (صالح بادمجي) شاب غريب الأطوار، مرح منطلق يحب الحياة، هكذا يبدو، لكنّه في أعماق نفسه أشبه ببركان يثور ويخمد، وعندما يثور يحرق كل ما حوله، حتى من يحب. ضحيته خطيبته “إيسفيت” (شيفانور غول) التي تخفي وراءها الكثير من الأسرار، عندما تقرّر الهروب منه، يكون منزل بيامي ملجأها الوحيد، لتهتم بوالده المريض (أولغون شمشيك) حيث تنشأ بينها وبين بيامي قصّة حب، بعدها تنقلب حياة الجميع.
هو ليس مجرد قصة حب مستحيلة، بل هي مجموعة قصص في قصّة واحدة.

عن الأسرة الثريّة التي تزوّج ابنها المتأخّر عقلياً لمقدّمة الرعاية الخاصة به بحجّة العادات والتقاليد، ينشأ عن هذا الزواج طفل مجرّد من العائلة الطبيعية، تغادر الأم لأسباب لم يكشفها المسلسل بعد، ويعيش الطفل وهو ينتحل شخصية الأب لوالده الذي لم يغادر طفولته يوماً. يوم يقرر بيامي الابتعاد، يثير تساؤلات هل أخطأ في حق والده، أم أنّ الخطأ وقع عليه عندما اختار له القدر والداً أثقل طفولته بالكثير من الذكريات المؤلمة.
هو عمل يحكي عن الموهبة المعجونة بالألم، والحياة المليئة بالأسرار، وأسئلة إجابتها في متناول أقرب المقرّبين لكنّهم يلتزمون الصّمت,
أمام ملجأ للأطفال يرمى بالطفلة إيسفيت، تكبر لترغم على الزواج من ديميتري، هي ليست مجرد طفلة تخلى عنها أهلها في ليلة مظلمة وحظيت لاحقاً بعائلة تأويها، بل هي العقدة والحل والبداية والنهاية التي تجيب على أسئلة يطرحها المسلسل في حلقاته الأولى.

ديميتري بدوره مثال الإبن المدلّل، الذي اعتادت عائلته الإذعان أمام نوبات غضبه، حبّه وحقده يتشابهان، صداقته مع بيامي مردّها إلى أنّ هذا الأخير فقد كل صداقاته بسبب وضعه العائلي، لم يجد إلا الصديق غريب الأطوار، تآلف مع غرابته، وعندما كبرا ووقعا في حبّ امرأة واحدة تحوّلت الصداقة إلى عداء.
ما يميّز المسلسل كمية المشاعر الصادقة لمجموعة أشخاص لكلٍ منهم معاناة، هو من الأعمال التي لا تترك شيئاً للصدفة، أبطاله معجونون بالموهبة، وقصّته غنية بالأحداث.

هو مسلسل يحبس الأنفاس أعدّ لموسمٍ واحدٍ، تعرضه نتفليكس على جزئين، الثاني يأتي بعد شهر، عملية تسويقية رابحة للمنصّة ومحبطة للمشاهدين، لم يكن ثمّة مبرر لبتر الأحداث واستئنافها بعد أسابيع قليلة، تبدو طويلة جداً لعشاق العمل الذين تجاوزوا عشرات الملايين حول العالم، إذا كنتم من المشاهدين الذين يتذمّرون من الانتظار، لا تشاهدوه اليوم، بانتظار أن تبصر الحلقات الجديدة النور، فتكون مشاهدتها دفعة واحدة أكثر متعة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.