جاسم الصحيّح.. يليق بالمعلقة وتليق به

29 فبراير 2024

نص خبر – متابعة

انتهى الموسم الأول من مسابقة المعلقة وفاز الشاعر السعودي جاسم الصحيح بالشعر الفصيح بعد منافسة كبيرة مع الشاعر الكويتي الكبير دخيل خليفة، وقد استطاع الصحيح أن يلفت أنظار وقلوب لجنة التحكيم بقصيدة عن الوطن بالتزامن مع يوم تأسيس المملكة، وكانت بالفعل قصيدة عصماء. 

جاسم الصحيح أدلى بتصريحات واعية بعد فوزه، إذ قال لمنصة نص خبر: “أهدي فوزي للمملكة طبعاً، في يوم تأسيسها المجيد، وفي موسم الثقافة وموجته الهائلة في عام الشعر.

وفي حديثه مع الصحف، وصف مشاعر الفوز بالمسؤولية الكبيرة التي وقعت على عاتقه، يقول: هي مشاعر إنسانية طبيعية لمن يحصل على المركز الأول في مسابقة سيشعر بالسعادة والفرح، ولخبرتي في المسابقات أحاول دائماً أن لا أقع في فخ مصيدة الجوائز، فالشعور لا يجب أن يذهب بعيداً، بحيث أن أعتقد أنني وصلت للقمة، وإنما على العكس تماماً، كل جائزة أعتبرها محطة من محطات حياتي، أتزود منها بوقود المعنويات الذي يساعدني للوصول للمحطة القادمة، لأن طريق الشعر طريق لا حدود له، فهو أشبه بطريق البحث عن الحقيقة، والشعر هو جزء من الثقافة، والثقافة هي عمل دائم للبحث عن حقائق هذا الوجود، لذلك بعد أن أصحو من نشوة الفرح بالفوز دائماً أشعر بمسؤولية أكبر على عاتقي تجاه الكتابة، لأن الكتابة تحتاج لجهد وتعب أكبر ومجالدة، وما نسميه بالجلد الفني الكبير الذي يساعدنا على البحث دائماً عن ما هو جديد في عالم الكتابة، وهذا ما أحمله تجاه كل مسابقة أفوز بها.

مسابقة المعلقة

وصرح الصحيح للعربية: لاشك أن لمسابقة “المْعلقة” نظرة خاصة لدي، كونها أول موسم من مواسم هذه المسابقة التي تطلقها وزارة الثقافة في السعودية، فهي تمثل حدثاً خاصا بالنسبة لي، وهذا يحملني شعوراً بالمسؤولية تجاه هذا الفوز، فهي ليست مسألة فرح أو حصول على مبلغ مالي أو انتصار -والتي لا أحب أن أقولها- فكل المشاركين في المسابقة كانوا فائزين فلا يوجد خسران، ولكن المركز الأول هي المسؤولية الحقيقة.

جاسم الصحيح

الشعر الفصيح والموزون

وتابع قوله: إن عدد المشاركين في المسابقة 36 شاعراً، ولكنها مقسمة إلى 3 أقسام، وكل قسم يحتوي على 12 شاعراً، فهناك قسم الشعر الموزون سواء أكان تفعيلة أو عاموديا، وهناك الشعر الحر قصيدة النثر، وكذلك القصيدة الشعبية، وقد شاركت في قسم الشعر الفصيح الموزون، وتأهلت من خلال 4 مراحل، وكانت المرحلة الرابعة هي الأخيرة، وشاركت بأربع قصائد من أجل الترشح للوصول إلى الفوز الأخير، وكانت القصيدة الأولى بعنوان “الشاعر المتشجر بالكلمات” والقصيدة الثانية بعنوان “البشت الحساوي ملك الأكتاف” والثالثة بعنوان “المتنبي كون في ملامح كائن” والرابعة للمرحلة الأخير والتي فازت كقصيدة المعلقة بعنوان “فارس اسمه الوطن”.

الشعر النبطي وقصيدة النثر

وأضاف في ثنايا حديثه: أعتقد أنه كان ذكاء من وزارة الثقافة السعودية، أن يجمعوا جميع الأشكال الشعرية في مسابقة واحدة، وفائدة هذا الجمع بأن يفتح جميع الأشكال الشعرية على جميع الذائقات، فهناك من يحب الشعر الشعبي، ولكنه مضطر أن يستمع إلى كل القصائد التي ستلقى لأنه منتمي للقصيدة الشعبية، فإذا كانت ذائقته حقيقة فإنه سيتفاعل مع الشعر الفصيح، وأيضا المتلقي الذي يحب الشعر الفصيح سوف يستمع للقصيدة الشعبية، وأيضا من يحب الشعر السردي المنثور سوف يستمع للشعر العمودي، وهنا تكمن عبقرية وزارة الثقافة التي جمعت هذه الأشكال.

منافسة شرسة

وذكر الصحيح أن المستوى الشعري لكل المتسابقين المشاركين، كان المستوى العالي، ولذلك كنت أشفق على لجنة التحكيم سواء في الشعر الشعبي أو الفصيح، لأن التمييز بين شاعر وآخر صعب جداً، وأعتقد أنهم تعبوا كثيراً، في قراءة القصائد، والبحث عن جماليات كل قصيدة من أجل أن يقدموا حكماً عادلاً في كل مرحلة من مراحل المسابقة.

كما بيَّن أن المنافسة كانت شرسة، فكل المشاركين كانوا يحملون الأمل بالفوز، وفي الوقت ذاته كانوا يحملون أخلاقاً عالية لتقبل الخروج المبكر من المسابقة، ولم نجد اعتراضات أو أي انتقاد فالجميع كان متقبلاً للنتائج ومحترماً لقرارات لجنة التحكيم.

قصيدة البشت

قصيدة جديدة سمّيتها “البشت الحساوي” وبما أنني قادم إلى الرياض من الأحساء، أحببت أن أقدم الأحساء أولاً في جزء من هويتها، والحقيقة أنها هوية عربية.

فالبشت ليس فقط هوية إحسائية وإنما هوية عربية، وقدر الله أن تكون قادمة من الإحساء، وقد قدمت الهوية العربية من خلال اللباس، والأزياء، وأعتقد أنها لقيت أصداء طيبة في الوسط الثقافي عموماً.

واستطرد حديثه: عادة الهوية تقدم عبر اللغة أو الدين لكن أن تقدم من خلال الملبس هذا شيء جديد، فالبشت سمي بشتاً من بشاشة الإحسائيين، فهو يسمى عباءة أو بُردة، لكن الإحسائيين أضفوا على هذه البردة تطريزات خاصة، وسموها البشت لكونه يبعث على البشاشة، والتي هي رمز الأفراح، فالبشت لا يلبس في الأحزان، وهذا ما وصفته القصيدة.

كما أن الإحسائيين عندما ابتكروا هذه التطريزات كل تطريز له اسم، فخياطو البشوت وضعوا اسما لكل قطعة تطريز، وهذا ما يميز البشت الإحسائي، فقد خرجت هجرات في أوقات مختلفة من الإحساء للشام وسوريا والعراق والنجف وكربلاء والبصرة إلى البحرين والكويت ومناطق كثيرة في العالم العربي، وهذه المهنة انتقلت مع بعض الأسر الإحسائية إلى هذه البلدان وهناك أسر مستمرة في هذه الصناعة، وتوارثتها إلى ما يقارب 500 سنة، وتتاجر بها وهناك حياكون للبشوت، وخياطون، وتجار يتناوبون على البشت من حياكته، وحتى بيعة في الأسواق، ولذلك يقال صياغة البشوت وكان التطريزات من ذهب يركب على البشت.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.