قاسم الشمري: فم التاريخ محشوٌّ بهتاف المنتصر!

18 ديسمبر 2023

حاوره: هاني نديم

“رأى ..
هل رأى حقاً و ما رفَّ قلبُهُ ؟
و هل شرب المعنى و ما غصَّ نخبهُ؟”..

عرفت قاسم الشمري  من شعره قبل أن ألتقي به، وكان كشعره أنيق وبليغ الحضور، وعلى الدوام شكّل قاسم الشمري بالنسبة لي نموذجاً وافياً للشعر العمودي الجديد في العراق، ما يعني -بالضرورة- في الوطن العربي، التقينا في بغداد وسألته ما يجول في خاطري: 

  • بودي أن أسألك عن البدايات , عن أولى القصائد و أغراضها , عن أسبابها و كيف تطورت في لعبة الشعر أو لعنته

– لا اعتقد أن هناك ما يستحق الذكر في البدايات فهي بدايات عادية إلا من العناد و شخصيتين أثرت في مسيرتي كشاعر وأكسبتها منعطفاً مهماً و هما أستاذي الدكتور عماد الحيدري الذي مزق مجموعة من القصائد التي عرضتها عليه.. و أبي الذي كان رافضاً فكرة أن أكون شاعراً و دخلنا في حرب لم تضع أوزاها حتى بعد وفاته! فمع كل إنجاز أحققه أُذكره بخطأ موقفه  و أقول له: “ألم أعدك بأنك ستولد من صُلبي؟”.

التاريخ يده مغلولة بقيد الأيديولوجيا وفمه محشوٌّ بهتاف المنتصر

 

  • ماذا يعني أن تكون شاعراً نجفياً مع كل هذا الإرث اللغوي الثقيل، هل يغير هذا من المعجم و العروض و الأغراض و غير ذلك ؟

– أن تكون شاعراً نجفياً يُشبه أن تدخل في مسابقة في السباحة مع سمكة! لن تفوز أبداً.. و مهما بلغت بك القصيدة من علوٍ و جمال سيقال لك هل من مزيد؟ فلا سقف للقصيدة في هذه المدينة الصعبة جداً بذوقها الشعري، والتي لا تعطيك جواز مرورٍ إلى رحاب تاريخها إلا إذا أبيضت عيناك من الشعر، هذه المدينة التي لا تُجيد تصدير نجومها و إن من يبقى بين أحضانها سيصاب بلعنة الأفول! أنا قلتها سابقاً وأُكررها هنا: على الشاعر النجفي في مرحلة من مراحل تطوره الشعري أن يغادرها، فالجواهري والصافي والشبيبي والحصيري والصائغ والقائمة تطول، ما كانوا ليحققوا ما هم عليه لو لم يعقوها بالرحيل.

 

  •  كيف تقرأ المشهد الشعري العراقي اليوم و منه إلى المشهد الشعري العربي ؟ و هل ما زال بين ظهرانينا من سيكتب عنه التأريخ

– سأجيبك عن هذا السؤال باختصار شديد: إن ما يميز المشهد الشعري العراقي والعربي هو سمة واحدة و هي (كثرة الشعراء و قلة شعر )، أما التاريخ فسيدوّن ما يريدون له أن يُدَوّن لا ما يريده الشعر! إذ أن التاريخ يده مغلولة بقيد الايديولوجيا وفمه محشوٌ بهتاف المنتصر.. وخلود الشاعر و شعره يعتمد على مقدار قربه وبعده عن هذا و ذاك.

 

  • قاسم خارج الشعر .. حدثني عن موسيقاك المفضلة , الأصدقاء , البلاد , الخيبات , المسرات

– خارج الشعر أحاول أن أستمتع بتفاهتي ولكن لعنته تطاردني حتى عندما تُطلق القصيدة سراحي فهو حاضر في الهوايات و الأغاني.. في الوقت المضاع حتى في علاقتي بأبنائي وهنا أحاول بكل ما أوتيت من قوة أن أتجرد من الشاعر الملقى على كتفي، فالشعراء آباءٌ فاشلون يا هاني و فوق كل هذا أحاول أن أتعامل بصدقٍ تام مع نفسي قبل كلّ شيء داخل وخارج القصيدة فلا مجال عند الآلهة شاعر كاذب.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.