وداعاً أيها العام.. شكراً

10 فبراير 2024
زينة الحموي – روائية وكاتبة سورية
وداعًا أيها العام، شكرًا لأنك تجاهلتَ طلباتِنا التي قدّمناها لك ليلةَ استقبالك راجين ومتفائلين. شكرًا لأنك خنقتَ ورودها بخشونة جِلدك، وسحقتَ براعمها بجلافة يديك.
وداعًا أيها العام، شكرًا لأنك أجزلتَ لنا من الخيبات، وأغدقتَ علينا في توزيع الهموم وكَسْر الخواطر.
وداعًا أيها العام، شكرًا لأنك لم ترحم مُعَذّبًا ولم تُجِب سائلًا ولم تُنصِف مظلومًا. شكرًا لأنك لم تحفظ عهودك إلّا مع الظُلّام والقتلة والمُستبدّين، فأخلصتَ في حمايتهم ومنحتَهم عفوكَ ورضاك.
وداعًا أيها العام، لقد قضينا بصحبتك أحلى وأمتع مشوار؛ ركضنا معك في سباق الأرزاق وأنت تمسكُ مساعينا بيد، وتقبضُ بالأخرى على يد الغلاء، فاستنزفتَ أنفاسَنا وزِدتَ في حيويته وشبابه.
وداعًا أيها العام، لن ننسى أنك ضحكتَ علينا بأفراحٍ صغيرة، لم تكد تنتهي حتى تَذكَّرنا أن الفرح طارئ وألّا شيء أكثر ديمومة من القهر والأحزان.
وداعًا أيها العام، نعترفُ أنّك كنتَ سارقًا ذوّاقًا ومحترفًا. خطفتَ من بيننا أجملَ وأنقى الناس ثم ألبستَ فعلتكَ ثوبَ الحوادث المباغِتة والأمراض المُهلِكة وتذرّعتَ، كعادتك، بالنصيب والقدر.
وداعًا أيها العام، حبّذا لو تصحبُ معك ما بقي في جعبتك من كوارث وزلازل وحتى هزّات ارتدادية، فقلوبنا اهترأتْ وجيلُنا اكتفى.
وداعًا أيها العام، لن نغفرَ لك قساوةَ نهايتك وأنت تغادرنا على وَقْع أبشع إبادة وأفدح فضيحة للإنسانية والعدالة والتاريخ.
وداعًا أيها العام، لا أعادكَ الله ولا أرانا وجهك. ارحل غير مأسوف على اسمك واترك لنا القوّة والصبر والعزيمة والرجاء، فنحنُ مازلنا هنا، ننتزعُ الأماني من براثن العُمر ونغنّي للحبّ والأمل.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.