حين تسكنك المحبة – عبدالسادة البصري

24 فبراير 2024

عبدالسادة البصري – شاعر وأكاديمي من العراق

كلامٌ أكرره مرّات ومرّات ، قد يحسبه البعض استدرار عواطف الآخرين ،وقد ،،وقد ، لكننّي أظل أسعى لأجله ، لأنني ومنذ نعومة أظافري ، وحين تفتّحت عيناي على القراءة والكتابة، عرفت أن كلّ كلمةٍ تمنحني شيئاً من الخُلُقِ الحَسِن ، وتهذّب كلامي وتصرفاتي ومعاملتي مع الناس ، وما أن عبرتُ أشواطاً في القراءة والكتابة حتى سكنتني الطيبة وحب الوطن  والتسامح والمحبة والتواضع ونكران الذات ــ أتمنى أن لا يُحسب كلامي هذا غروراً ، أو تملّقاً ، أو تمسكناً أبدا ــ بل هو الحقيقة، و حياتي التي أعيشها وأعمل بها مع الجميع !!

ومنذ صغري وأنا أحمل الطيبة التي زرعاها في روحي ونفسي أبي وأمي ( يرحمهما الله ) ، بالإضافة لما استنشقته وشربته من فضاءات القرية وماء الشط ورائحة الأرض وطلع النخيل وسقسقة البلابل وهديل الحمام ، وما صقلتْهُ القراءة والسياحة في أدب الشعوب والأمم ، وما توارثناه من عادات وتقاليد حميدة طبعا!!

أفضْتُ بكلامي هذا ، وتحديداً هذه الأيام ، لأنني اشعر بالألم والحسرة على ما يتفوه به البعض ممن يرفعون شعار الكلمة سلاحهم ومصباح هدى وسبيلا لحياتهم ،لأنني أقرأ هنا وهناك كلمات لا تمت للإنسانية بصلة وكأننا أعداء لابدّ أن نقتصّ من بعضنا !!

ــ هل من المعقول أن يسكننا كل هذا الكره والبغضاء لبعضنا ؟!

ــ هل يعقل أن يحقد الإنسان على أخيه الإنسان كل هذا الحقد لدرجة سفك دمه أو المطالبة بقتله دون أدنى سبب ؟!

ــ هل .. هل .. هل … ؟!

تساؤلات كثيرة سكنتني وأوجعت قلبي وروحي !!

ــ ما الذي يجبرنا على فعل ذلك ؟!

ــ ما الذي يجعلنا شتّامين وحاقدين ومصاصي دماء إلى هذا الحد ؟!

ألم نقرأ التاريخ جيدا ؟! ، والأدب كذلك ؟!

ألم نطّلع على أحداث مرّت وسجّلت الصفحاتُ لأصحابها ومَنْ ساهم فيها مواقفَ كانت خيراً أم شرا ؟!

ألم ننبذ الأشرار والشتّامين ومثيري البغضاء والمتنابزين بالألقاب وحاملي الحقد والحسد ، لأنهم أشعلوا الحرائق هنا وهناك وسفكوا دماءً بريئة ؟!

ألم نشمئزّ من كلمات هذا الكاتب ونعتبره محرّضا على العنف والتقاتل والجريمة ، ونعشق كلمات ذاك لأنه يوصي بالمحبة والتسامح والتآخي ؟!

ألم نتّعظ بعدُ من كل ما حدث في الماضي وما يحدث الآن  ونفتح قلوبنا وأرواحنا لفجرٍ آخر نسائمه الحب والحياة ؟!

أما كفانا أكل لحم بعضنا؟!

أنهارنا اصطبغت بالدم ، وأرضنا اصطبغت بالدم ، وريقنا صار مُرّاً علقماً من الدم!

لماذا لا نفتح صفحاتٍ جديدةً من المحبّة والتسامح والتآخي ، ونفوّت الفرصةَ على مشعلي الحرائق وخفافيش الظلام ، ليسقطوا في شرِّ أعمالهم؟

صدقوني :ــ مَنْ يريد بكم الشرَّ لا يحبكم ابدا !!

ومَنْ يرقص على مشاكلكم وجراحكم لا يحبكم أبداً !! ومَنْ … ومَنْ … لن يحبكم أبداً مهما تملّق لكم بالكلام المعسول، ودغدغ مشاعركم! انتبهوا على حالكم ،وأعماركم التي ضاعت بالحروب والاعتقالات والإعدامات والتشريد والفساد والخراب   !!

علينا أن نكون يداً واحدة وقلباً واحداً وكلمةً واحدةً وروحاً واحدةً وضميراً واحداً وعقلاً واحداً ،  لنرسم وطناً يليق بنا حتماً !!

بالحب والتسامح والإخلاص والانتماء الحقيقي سنجعل أي مريض نفسيا في خانة الرفض والعزل بعيداً عنا ، ونبدأ بالبناء والعمران والزراعة والصناعة وقبل كل شيء التعليم  والثقافة ، وما صنعناه في المربد من نجاح رغم كل شيء هو الدليل الأمثل على صفاء النوايا والقلوب وبكل ما أوتينا من جهد ، وأي عمل ناجح لا يخلو من أخطاء أو هفوات غير مقصودة …ومحبّتي للجميع!!

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.