جمال العلي بخير… صديق الجميع لا يستحق إلا الودّ!

وسام كنعان- دمشق

7 أغسطس 2023

يكفي أن تقول جمال العلي (1963) لتحرز إجماعاً غير مسبوق على دماثته، ومحبة الجميع له، والإشادة بموهبته وخصوية حضوره!

لعلّه من القلائل في الوسط الفني السوري الذين لا يحتاجون للتغيير كثيراً، كي يتمكّنوا من إنجاز إقناع بليغ لدى المشاهد. هو يعرف مكامن القوّة في شخصيته وأدائه ومفرداته التجسيدية، ويدرك جيداً بأن لهجته “الحورانية” مفتاحاً لدخوله إلى قلوب الجمهور بالطريقة التي يستخدمها في الكوميديا، رغم أنه ابن مدينة القنيطرةـ  لكن تلك لهجته الفعلية التي تمتد من حوران إلى الجولان. وقد أدى فيها دور “رئيس القلم” في بداياته ضمن المسلسل الكوميدي “عيلة 8 نجوم” (ممدوح حمادة و هشام شربتجي) فحققت له شعبية هائلة جعلته يعتمد اللهجة دائماً، ثم راح لاحقاً يطوّعها لتصبح فاكهة العمل الذي يشتغل فيه، ويزيد عليها العتابا والمواويل التي يلتقطها من تراث سهل حوران ويؤديها بصيغة مترفة بالكوميديا،  كما أنه يبرع في إجادة أدوار الشر مستفيداً من ملامحه التي يقدر على تحويلها من منتهى الطيبة التي هو عليها في الحياة، إلى أعمق مطرح ممكن للؤم!

يمكن القول صراحة بأن “أبا زهير” حبيب الكلّ دون أدنى شك. وليس في ذلك تقليل من صدق ووضوح مواقفه في التعاطي مع محطيه. مشواره المهني طويل وغني، أسرفه على  صناعة الفرح والمتعة. ولعلّ أبرز محطّاته الفنية تمثّلت في دوره بمسلسل «ضيعة ضايعة» (كتابة ممدوح حمادة وإخراج الليث حجو بطولة: باسم ياخور، والراحل نضال سيجري، وفادي صبيح، ورواد عليو، وتولاي هارون، وآمال سعد الدين، وجرجس جبارة، وحسين عبّاس، والراحل زهير رمضان، وغادة بشور، وآخرون) “الهملالي”  كان بمثابة مثال مصغر عن تسيّد العقلية الأمنية في سوريا وقدرتها على التحّكم في كلّ شيء دون منافس أو منازع. وحده كان يقدّم دوره بلهجة مختلفة عن البقية، لكنّه لم يقلّ حضوراً ونجومية عن نجوم العمل الأساسيين، وصار معهم جميعهم رفيق الجمهور الذي يحتفي حتى اليوم بهذه التحفة الكوميدية الخالدة!

يبدو العلي في غالبية محطّات حياته المهنية بأنه ممثل فطري، لا يؤدي إلا بمنتهى العفوية والبساطة ومجافاة التكلّف والتصنّع، وهي المفردات المطلوبة بإلحاح شديد عند الحديث عن فن التمثيل بمنطقه المعاصر، وربما يعتبر  العثور على ممثل بنقاء موهبته كنزاً لا يجب التفريط فيه! في رمضان الماضي حصد جمال دوناً عن غيره حفاوة نقدية، وإجماعاً جماهيرياً على فرادة حضوره وسويّة أدائه في مسلسل “النار بالنار” (رامي كوسا ومحمد عبد العزيز) بعيداً عما أثاره العمل من آراء متباينة وما رافقه من إشكالات ضمن فريقه!

بدايته الفنية كانت على المسرح، وتحديداً من خلال «المهرجان المسرحي للشبيبة» الذي شارك فيه من خلال العديد من المسرحيات، وحصل أول مرة على جائزة أفضل ممثل في مسرحية «فصيل على طريق الموت» وصلت مشاركاته لأكثر من 20 عرضاً منها “سفر برلك” و “الغول” كما شارك في تشكيل “فرقة القدس المسرحية” ، وقدم معه عدة عروض في مهرجانات عربية ودولية، وكانت له تجربة مهمة في فرقة “عمال القنيطرة” استلم إدارة الفرقة وأخرج لها عدة أعمال قبل أن ينتقل إلى العمل في الدراما التلفزيونية ويسطع نجمه وتتوالى عليه الأدوار المتنوّعة!

قبل أيّام وبينما كان يحتفل بزفاف صديقه الممثل الشاب لؤي الزعتري رفقة مجموعة ممثلين بينهم: وائل زيدان، وعلي كرّيم، ومحمد خاوندي، وحسام عيد، ووليد حصوة وسامر الزلم، وآخرون. كان يبدو عليه التوتر واضحاً بالرغم من أنه يحضر عرساً شاميّاً! توجهنا له بالسؤال عن السبب فقال : “قرأت خبر وفاتي بنفسي”! اعتقدنا بأنها إحدى مزحاته المعتادة كونه صاحب الروح المرحة والطرائف المستمرة، لكنه أخرج هاتفه سريعاً وراح يطلعنا على الصفحات التي تتداول شائعة لئيمة تفيد زوراً بوفاته بينما هو جالس بيننا! يطلب منا «الهمالالي»  توضيح الأمر سريعاً ويقول لـ “نص خبر”: “الموت حق وكأس سيتذوقه الجميع، لكن المهين أن هناك من ينشر أخباراً كاذبة عنه، دون تفكير بحرمة البيوت ووضعها الاجتماعي. لدي ابنتين في الغربة كانتا على وشك الانهيار كي يتسلى هؤلاء بأرواحنا! على كل حال لن أقول لمن يروّجون هذه الشائعات سوى اذهبوا ليصطفل بكم الله!”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.