عنوانٌ يتشظّى.. أو ما يتجمّع في موشور

17 فبراير 2024
د.عمار المسعودي – شاعر وناقد عراقي
تقف مجموعة الشاعر عباس اليوسفي في مرتبة العتبة التي تتشظى والحجة في ذلك تأتي من عنوان يقع في مسيل أو في مسار الألم أو في مصبه. وإلا كيف نفسر لموشور شعري أن يختصر كلا لنخرج دامعين مقتفين أثر حزن أو موجدة أو شجن.
هنا العنوان يتشظى وينشطر ويمتد بشهادة د سامي شهاب أحمد في كتابه الرائع والموسوم بـ سرد مابعد الحداثة، دراسة في رواية الركابي “سابع أيام الخلق” الذي أوقف للعنونة حيزا أثرى به ذلك الأثر العتبي وهو يتكاثر في النص ناشرا فيه أشرعة جحيمه ومكتنزات وجوده ورؤاه.
لقد أطلق اليوسفي من نقطة حزن تشع فحواها وتنشر معناها من أس عنوان يبدو أنه جانبي أو هامشي أو حتى وقوعه في خانة المقصي لسانيا هذا العنوان هو ،، مرد روحي،، هذه المجموعة الصادرة عن منشورات الاتحاد العام للأدباء في العراق التي بث فيها لواعجه وشجونه ومكابداته مقدما شاعرية متفردة تربو من الحنين ومن التمسك بعناصر الوجود بما يحسب لهذه التجربة من قوة إدانة لهذا العالم الذي يجوزه اللعن وتتأبى عليه الشتائم ويأخذ ركنا متفردا ينتمي إلى تجربة الشاعر الراصد بحذق شعري يبتعد عن التنازل عن مسؤولية الرفض الواعية.
ومن المصاديق الشعرية على ما قد سبق التقديم له قول اليوسفي :
لايمكن لها
ان تظل واقفة هكذا
حياتي.
التل صار مقبرة
والبعير أضحى مجرد
ذكرى
أكلتها الشراسة
أي معنى اكثر التصاقا من الذي يشي به الشاعر وهو الساكن الوحيد في كون يتحرك وأعني العالم انسجاما مع رغبات تُضمَر مخلفة ً ركاما مما يمكن عده ضميرا جمعيا انطلاقا من ذات الشاعر بقرينة ،، تظل واقفة هكذا حياتي،،.
أو حينما يضرب بـ”ميتانصية” منظومة الانتظار بمحمولاتها الأملية والعشقية والوجودية والحلمية بدلالةجملة “التل صار مقبرة”
أو حينما نجد اليوسفي راغبا في الاتحاد بمرموزيةمعذبة ممثلة بالسياب رمزا راسخا في الهم والألم والعذاب ينقل من على لسانه تكسر أحلام أجيال ينقلها الرائي الحديث بتقانة سحب الرموز إلى بوتقة الشاعر الخالدة إذ نجده يقول :
كان يغني بأعلى صوته
مطر…. مطر
مات السياب
ولم يبصر المطر
وحينما ينزل من المتون العالية وصولا لأقرب الخلق اقترابا وحميمية مخاطبا من يقاسمه النبض وعلى مرتبة إبلاغية واحدة تنزع في هذا الغرض إلى معنى التوسل الكائن في أغراض الإنشاء اذ نجده يقول :
ها قد حل عام بيننا
ها للدروب التي
انطفأت
يمنح حرف التنبيه ،، ها ،،بعدا فجائيعا حينما يتأطر بالدروب وما تتضمنه من خسارة في الخطوات أو فيما يناهز روح الذات الشاعرة من حلكة او من حندس توحي به أو يعلن عنه في القصيدة الفعل “انطفأت” أو تتبعا لحجم الفجيعة الإنسانية التي يمكن تبيان ما يضغط على روح الشعر وهي تهضم الخارج والداخل في جدلية تتخلص فيها الأنا من ثقل العاطفة الفائضة وصولا لحركة عقل تمسك العالم وتبدأ بتأمله :
ها كم فجيعة تدخرين
ياامرأة ؟
ماعاد لنا
من متسع !
من هذا تكون مجموعة الشاعر عباس اليوسفي شمسا سائلة مكثفة في موشور .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.