علي وجيه عن محمد كاطع: متصوّفٌ أمام البياض

10 فبراير 2024
علي وجيه – شاعر وإعلامي عراقي
كلّما أوشكت على الكتابة عن محمّد گاطع كان المدخل له صعباً جداً، ببساطة لأنه طرسٌ جلديّ دائم التغيّر، وتجربته التي تعودُ دوماً لمنبع واحد، تتفرّع بشكل يجعل الإمساك بأسلوبيّته صعباً، وكلّما التقينا أتعرّف حرفياً على فنان جديد آخر تحت جلده، فهو محمّد گاطع آخر، يشبه محمّد الذي أعرفه، ولا يشبهه.
يمتلك محمد الخصلتين العجيبتين في أي مبدع: القلق، وعدم الاستقرار على أسلوب أو منطقة واحدة، والمعرفة التقنية التي تؤهله إلى خلق مساحاته الخاصة باللون، والكثافات، والتوزيع.
محمد موظّف لدى الرسم، فهو إما يرسم، أو يتحدث بالرسم، أو الحديث بأدوات الرسم، يتفانى مثل متصوف أمام البياض الرهيب للورق والكانفاس، لكن ما يمتلكه من معرفة وتجدد وقلق يجعله متجدداً.
تجارب عديدة لهذا الفنان، بين الطبيعة، والشكل الأكاديمي، وتجارب أخرى في التجريد والآبتسراكت، كلها تشكّل هؤلاء الفنانين الذين يحملون اسماً واحداً، يربط بينهم خيط وهميّ أدائياً ومعرفة بفضاء اللوحة.
وهو معلّم لكل مَن يعرفهم، خصوصاً بالدورات التي يقيمها، أو التي يعيشها، لا يبخل بملاحظة أو توجيه، بخلق عال ولطافة ندر وجودها.
أنا سعيد بأنني صديق لكل هؤلاء التشكيليين الذين اسمهم: محمّد گاطع.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.