الثقافة والمتثاقفين وما بينهما

8 فبراير 2024

 

فلاح روج – شاعر وكاتب عراقي

قول فولتير: “الثقافةُ هي كل ما يتبقى بعد أن ننسى كل شيئ”، إن الثقافة هي نتاج جهد الإنسان للتكيف مع الحياة الأجتماعية القائمة على الابتكار والعمل لإشباع الحاجات الإنسانية وفق أطر إجتماعية مقبوله ومتفق عليها يمكن للأجيال اللاحقة توارثها ضمن تراث ثقافي إجتماعي إنساني، يعبر عن هوية الثقافية لذلك المجتمع.

أما المثقف من وجهة نظري التعبيرية هناك تسميتان له:

1-المثقف التقليدي: من يصطاد بشبكة أفكاره الطيور على مختلف أنواعها ليطعم بها تماسيح السلطة بمختلف تجلياتها.

2-المثقف العضوي: من يفكّ الطيور من أساور هذه الشباك ويحطم أسنان التماسيح عبر كفاحه الفكري التطبيقي اليومي.

وبعيدًا عن الثقافة قريباً من المثقفين. في منظوري الخاص أرى أن المثقف العراقي مهرج بالضرورة، يقتصر دوره في إرضاء جماهيره الشعبوية وحسب، فهو قليل الوعي أو دونه تماما، يسير مع التيار الشعبوي ومهما وصف نفسه بأنه ضد الشعبوية أو الجماهرية أو الإسفاف أو التقليد، إنه رهين اللحظة وعبد لأهواء العامة، لا يطمح للتغيير الحقيقي بقدر ما يطمح للسلطة والشهرة وجمع المال والمنافسة والسجال ولعب دور الأستاذية والتسلط والأقصاء، مريض أصلاً منذ أن تم إقصاؤه مذ كان طفلاً.

مشكلته أنه ينافس على قيوده ولا يسمح لأحد أن يقض مضجعه فيشاركه القيد، سيتفرد بالثقافة والفكر والقرف لحاله. إنه يدرك موقنا أن المثقف الحقيقي ليس من جمع من كل علم بطرف وفهم نفسه وغيره ومجتمعه وحمل همهم وحاول إصلاح غيره ونفسه، و أدرك واجبه العلمي والإجتماعي، وفقه دوره وأصبح قادراً على التفرقة بين الصواب والخطأ وأزعج السلطة، بل يعرف فقط أن المثقف هو من جمع الجماهير حوله وصبح عليهم وأمسى وقدم لهم نكتة كل ضهيرة، ولا يدرك أن المثقف حر بالضرورة وتعتبره الجماهير صاحب دم ثقيل.

المثقف العربي، يحلل ويفسر ويكتب من أجل المزيد من “اللايكات” والشهرة حيث أنه لا يجرؤ على مخالفة الذوق العام أو أهواء الجمهور وثوابته، يكتب بالضرورة لأن جمهوره اللزج ينتظر ذلك ولا يخالف أحد ولو فكر وخالف فإنه حينها واثق أنه لن يغضب الطبقة الواسعة من جمهوره. فيما مضى كان، المثقف هو من يشكل الأهواء العامة ويهز من القناعات الجماهيرية ويأتي بالجديد ويرفض القيد فيكون نفسه لا غيره، أما اليوم فالمثقف تشكله جماهيره وترسم له الطريق وكلما كان قريباً من جمهوره الهلامي كلما كان أكثر ثقافة.

المثقف العربي اليوم عضو فعال في الفيسبوك ينقل قرف الحياة الدنيا خارج فيسبوك بجدارة، ومدافع شرس عن مكانته، فالمثقف لديه هو نفسه ولا ينبغي لأحد منافسته. ثم إنه يشكل مافيا مقرفة مع من هم من شاكلته فيجندون أنفسهم في الغالب من أجل النكتة وإضحاك العامة وتارة لخلق التريندات التافهة وتارة للتنمر على المخالفين وساعة للصلاة وأخرى للزحف.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.