سمر سامي من الخالدية إلى جرمانا… سينوغرافيا السحر!

12 مايو 2023

وسام كنعان- دمشق

في صباح أحد الأعياد، كانت سمر تتمشى مع صديقتها صفيّة في حي الخالدية الحمصي، وكان عليهما عبور شارع عند مدخل حمص: «كنت ما زلت أشعر بحرارة يدها عندما غابت. لا أدري كيف أفلتت يدها من يدي. بحثت عنها، فوجدت الشريطة الصفراء وخصلة من شعرها. شاحنة مسرعة أخذت معها صفية». تقول سمر دون أن تتخيّل يومها أو بعد سنوات طويلة، بأن المئات من أبناء «عاصمة الفكاهة السورية» سيموتون تحت ركام المدينة المنكوبة بطريقة أفظع من موت صديقتها. على هذه الحال، تحوّل  لاحقاً منزلها في جرمانا (ريف دمشق) والمحاط بكل أنواع الورود التي ترويها يومياً، لما يشبه مخيم النازحين، بعدما لجأ إليه من بقي حيّاً من أهلها وأقاربها. لكن جرمانا التي تفصل الغوطة الشرقية عن الغوطة الغربية، كانت على مدار سنين الحرب السورية مسرحاً لقذائف الهاون التي أصابت إحداها منزلها. ولن يكون مفاجئاً كثيراً بأن سمر الطفلة ستصبح أيقونة سورية لأنها هي نفسها اليوم النجمة القديرة سمر سامي، أو أستاذة الأداء التمثيلي المصنوع خصيصاً لعدل المزاج، ورفع السوية العامّة في أي عمل تشتغل فيه، رغم أنّها لم تحصّل ولا حتى شهادة ابتدائية ممهورة بختم رسمي بسبب احتجاجها الصارخ على آلية التعليم! ومغادرتها المدرسة بعد أوّل صفعة تلقّتها، إلا أنها أحدثت فيا بعد ما يشبه «الثورة الإنسانية» بسلوكها وتعاطيها مع المحيط! مرّت سنينها وافرة بالعطاء لكّنها صُفعت مرّات عديدة بالخذلان قبل أن تهمّش في الآونة الأخيرة، ربّما لكونها شخصاً استثنائياً. اعتزلت نجمة «أحلام كبيرة» (أمل حنّا وحاتم علي) منذ زمن بعيد كلّ الجلسات العامة، لصالح كينونتها في «صومعتها المقدّسة»، أي بيتها الذي تصنع منه سينوغرافيا آسرة، ومشهدية موغلة في البساطة، لكّنها عميقة في الدلالة! هناك، تعيش سامي عوالمها المفتوحة على الاحتمالات المتعدّدة. تتأمّل في ما حولها بمزاج موغل في الهدوء، كأنّها إحدى شخصيات مسرحية «في انتظار غودو» (صموئيل بيكت( خاصة أنها مسكونة بهواجس كبرى، على كافة المستويات. طقوسها اليومية كانت محصورة بين أربعة جدران، لا تفارقها إلا من أجل مشوار سريع تقطعه على قدميها وتعود. طقس المشهد الحياتي بالنسبة لها في مقتبل سنوات الحرب كان عبارة عن  امرأة تراقب بحذر شاشة التلفزيون على مدار 24 ساعة… سيجارة حمراء طويلة بيد، والكتاب بيد أخرى، وكأس المتة على الطاولة، وعيناها شاخصتان باتجّاه أي حدث سوري. ظلّت على هذه الحالة حتى توقف التلفزيون عن العمل في إحدى الليالي الصاخبة بالعنف. عندها فقط تمكّنت من النوم العميق. منذ ذلك الحين، لا تملك نجمة «أحلام كبيرة» (أمل حنّا وحاتم علي) سحر الصندوق الذي يعرض أعمالها. إن أتيح لها مشاهدة شيء على المواقع الإلكترونية، سيكون من حسن حظّها وإن لم تتمكن، تعتبر أنه لم يفتها شيء!

آخر ما أنجزته خلال السنوات الأخيرة الماضية كان مجموعة مسلسلات هي: «على قيد الحب» (فادي قوشقجي وباسم السلكا) و «على صفيح ساخن» (علي وجيه ويامن حجلي وسيف السبيعي) و «أثر الفراشة» (محمود عبد الكريم وزهير قنوع) أما هذا العام فسيشهد حضور سمر سامي في الأعمال الاجتماعية، حيث ستتصدى لبطولة مسلسل «عقد إلحاق» التي تعمل شركة pentalens على التحضير لتنفيذه تحت إدارة المخرج ورد حيدر (حفيد الروائي الراحل حيدر حيدر) الذي يخوض أولى تجاربه الإخراجية في الأعمال التلفزيونية. وستكون النجمة دانا مارديني التي غالباً ما يشبهها الجمهور بسمر سامي ويعتقدون أنها ابنتها, برفقتها في بطولة هذا العمل. المؤلف من 12 حلقة والذي سيبدأ تصويره خلال الأسابيع القادمة!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.