من السعودية إلى القاهرة … «إلى إبني» ظافر عابدين!

 

22 سبتمر 2023

نص خبر- وسام كنعان

كأن النجم التونسي ظافر عابدين الذي بنى له عالم التلفزيون نجومية طائلة بدءاً من مصر وصولاً إلى الدراما اللبنانية المشتركة، قرر أن يعيد توجيه بوصلته المهنية، أو على الأقل المحاولة في ذلك من خلال السينما…

ولأن أهمّ المواضع وأكثرها انتشاراً تلك التي نستطيع أن نجيد صوغها انطلاقاً من بيئتنا المحلية، سارع عابدين إلى بلده الأم وغاص في عمقه. جرّب التأمل في وجع ناسه. وتقلّباته الجذرية، فوصل إلى فيلم «غُدوة» (قصّته وإخراجه وبطولته – روائي- عرض عالمي أول في «مهرجان القاهرة بدورته الـ 43 سنة 2021»).

يحكي الفيلم قصّة حبيب الذي تتدهور صحتّه النفسية، بسبب ما آلت إليه الأمور عقب الثورة، إذ يؤثر ماضيه السياسي أثناء فترة حكم بن علي على حاضره، بعدما كان مسكوناً بهاجس التغيير وردّ الأمور لنصابها وتحقيق العدل. صفعته الحياة بأنّ كثيراً من الحقوق لم ترد إلى أهلها فوصل إلى مطرح صار يعاني فيه من الهلوسة والتخيّل.

لعلّ الظروف وضعته عند انفصام شخصية من دون أن تجعله يتنازل عن أحلامه في الحرية والمساواة والعدالة. وتحقيق الشعارات التي انطلقت من أجلها الثورة. سيجرّب حبيب اللجوء إلى أحد الرموز السياسية، فلا يصغي له قبل أن يضرب من قبل مرافقيه على بابه، ومن ثم يساق إلى السجن بتهمة التهجّم على المسؤول وتهديده. هنا يهرع ابنه وراء سيارة الشرطة ليخبره بوعد قاطع بأنه سيكمل الطريق، فيهنئ حال الاب ويبتسم لمصيره السيء طالما أن رسالته وصلت لابنه وحقق ما كان يصبو إليه. الإرباك الذي يعيشه الأب سيجعل الأمر مختلفاً بعلاقته مع نجله أحمد الذي أنجبه من زوجته السابقة، مما يؤدي إلى تبادل الأدوار بين الأب وابنه، فيجد أحمد نفسه مضطراً للاعتناء بوالده والتأكد من سلامته، لكن الأوضاع تجعلهما في موقف لم يستعدا لمواجهته.

الشريط يجعل المتلقي في صعوبة واضحة، لفهم معطياته بعمق، بسبب اللهجة التونسية الصعبة. سيلاحق المتفرّج الترجمة باللغة الإنكليزية إن لم يكن من سكّان المغرب العربي، أو ضليعاً باللهجة التونسية. لكن مع ذلك، تخلق الفرجة السينمائية تواتراً واضحاً تجعل المشاهد في غنى عن فهم الحوار كاملاً في كثير من المطارح. لعلّ الحركة مقصودة لكي يعتاد المشاهد العربي على لهجة أهل تونس ويفهم جيداً الحوارات! الفيلم ينتمي لسينما تجرّب العناية بالصورة دون إبهار مفتعل، أو اجتهاد لحركة كاميرا غير طبيعة. لا شيء صادم، أو غير متوقّع. كذلك الدراما بطيئة لا تحبس الأنفاس، أو تشجّع على تقفّي أثر الشخصيات بشغف وحماس. كلّ شيء يسير ببطء نحو نهايات متوقعة. لكن الشريط فاز بجائزة «الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية» (الفيبريسي) آنذاك.

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي» عن مشاركة الفيلم السعودي «إلى إبني»  لظافر عابدين

وبعد انقضاء سنتين على أوّل تجربة للنجم التونسي أعلن «مهرجان القاهرة» يوم أمس عن مشاركة الفيلم السينمائي الثاني لعابدين ضمن فعاليته، لكّن هذه المرّة ستكون التجربة سعودية الهوية. إذ صرّح المكتب الإعلامي للمهرجان المصري في حديث لـ «نص خبر» عن الأمر بالقول: «سنكون سعداء في هذه الدورة من  الفعالية السينمائية العريقة  بالإعلان عن عرض الفيلم السعودي «إلى ابني» (للمخرج والممثل ظافر العابدين) ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» علماً بأن الشريط من إنتاج «إم بي سي ستوديوز» وتدور قصته حول عودة أب سعودي وابنه إلى المملكة بعد فترة طويلة من العيش خارج البلاد انتهت بحادث أليم»

من جهته يقول الناقد السعودي أحمد العيّاد في تصريحه لنا: «لابد بأن السينما في السعودية باتت تمشي خطوات مدروسة بعناية وافية، وتجرّب بناء منطوقها الحكائي ولغتها البصرية بالاتكاء على الواقع الغني للبلاد وتاريخه الزاخر. ولعلّ فكرة استقطاب الخبرات العربية والعالمية كي تقول كلمتها، وتثري بتجاربها الحالة السينمائية في المملكة، أمر في غاية الأهمية، ولابد أن ذلك سيترك فرصة لتبادل وتدوير وجهات النظر بغية التأسيس السليم لهذا الفن المهم، والذي مهما تبدلت الظروف يبقى له مكانته العالية، كونه فن يعدّ بمثابة سفير  يجوب بقاع الأرض ويوصل رسالة البلد التي انطلق منها.. كما أن عرض الفيلم السعودي في مهرجان عريق مثل «القاهرة السينمائي» أمر يدعو للتفاؤل. على أن يبقى الحكم النقدي مؤجل لما بعد العرض»

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.