رفيق عليّ أحمد مكرّماً في دمشق: المسرح لا يطعم خبزاً!

28 إبريل 2023

وسام كنعان-دمشق

في قرية «يحمر الشقيف» (جنوبي لبنان)، فتح النجم اللبناني رفيق علي أحمد عينيه على طبيعة ساحرة، تتداخل مع حوران من جهة، وشمالي فلسطين من جهة أخرى. لذا، لم يعترف يوماً باتفاقية «سايكس بيكو»، بل عندما كبر، ألغى الحدود الجغرافية، وصار يقيّم الشخص بناءً على إنسانيته وقيمته لا على أساس انتمائه. هذا بشكل عام، فما بالك عندما يتعلق الأمر بلبنان وسوريا؟

لا يعرف رفيق علي أحمد أن يخرج من بيروت. يشعر كأنّه سمكة لا تقوى على العيش بعيداً عن شواطئ مدينتها المحببة. خلال مشهد جمعه مع زميلته ومواطنته الشهيرة كارمن لبّس في مسلسل «الإخوة» (مجموعة كتّاب ومجموعة) في أبوظبي، توجّهت كارمن إلى رفيق بسؤال بسيط: «ماذا تعني لك بيروت؟». صمت قليلاً، ثمّ هرب من الكادر وانزوى بعيداً قبل أن يذرف دموعاً، تفصح عن قدر كبير من العاطفة التي يكتنزها تجاه بلده. في مقهى «الروضة» البيروتي، حجز رفيق علي أحمد ركناً خاصاً به منذ عشرات السنين، وراح يداوم فيه يومياً.

يكتب ويقرأ ويتأمّل البحر وينفخ دخان نرجيلته التي ترافقه أينما ذهب. أما في أماكن التصوير، فيسارع فور وصوله إلى البحث عن أقرب مقهى شعبي يمارس فيه عادته «السيئة» (التدخين) مرّتين يومياً على الأقل. بين الفينة والأخرى يتذكّر  رفيق علي أحمد كيف كان يشقّ خطاه داخل المقهى البحري أيّام الشباب ليحتار في الانقسام والتنافس الثقافي الصحي الذي كانت تشهده «ست الدنيا» منذ زمن طويل. الرجل صاحب تاريخ مسرحي طويل. أمضى ردحاً من حياته في الكواليس وعلى الخشبة، بشراكة الراحل منصور الرحباني، قبل أن يختلي بنفسه ويذهب نحو خيار صناعة عروضه بنفسه نصاً وإخراجاً وتمثيلاً. عروض مونودراما اشتبكت مع الواقع اللبناني الدامي، وفندّته وانتقدته بقسوة واشتبطت مع الواقع بعمق بليغ. كلّ ذلك قبل أن يقرر الهجرة نحو التلفزيون والشغل بأعمال قيمة مثل دوره التاريخي «كليب» في «الزير سالم» (كتابة ممدوح عدوان وإخراج حاتم علي) ومن ثم كرّت سبحة الأدوار بما فيها التجاري والمستهلك بقصد متطلبات العيش الكريم، ولو بحدوده الدنيا! فيما يخصّه دون غيره، تبقى خامة صوته مميزة وقدرته الوافية على الإلقاء باللغة العربية الفصحى!

يوم أمس كان على رفيق علي أحمد أن يزور دمشق مكرّماً في «المعهد العالي للفنون المسرحية» ولكي يناقش الطلّاب وجمهور المسرح في الملتقى الإبداعي الشهري الذي ينظمه عميد المعهد الدكتور تامر العربيد، وقد كان في استقباله إلى جانب النجم المخضرم وأستاذ المعهد فايز قزق!

الحوار يصطبغ بالصراحة المطلقة والقناعات التي وصل إليها الممثل اللبناني بعد مشوار طويل وغالباً ستخلص بالتأكيد على أنّ المسرح «لا يطعم خبزاً»، ولا بد للممثل المسرحي من أن يتنازل في أماكن محددة لصالح التلفزيون ليتمكن من تحقيق الحد الأدنى من التوازن المادي. حتى أنّه قالها مرة في إحدى مسرحياته: «أعرف مدراء أهم سبعة مصارف في لبنان، لكن أحدهم لا يجرؤ على اتخاذ قرار بدعم عروضي المسرحية حتى نتمكن من إفساح المجال أمام الفقير للحضور في الصالة إلى جانب الغني«

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.