بعد مسلسل “2024”.. نصيحة إلى نادين نجيم قبل فوات الأوان

21 أبريل 2024

“نص خبر”_ بيروت

عندما انطلق مسلسل “2024” (بطولة نادين نجيم وأحمد الأحمد( تساءلنا “هل هناك جدوى لموسم ثانٍ من “عشرين عشرين”؟”، الإجابة حتماً “لا”، لم يكن هناك داعٍ لموسمٍ كل الإشارات تؤكّد أنّه أعدّ على عجل.

للسنة الثانية على التوالي، يباع مسلسل على اسم “نادين نجيم”، دون مراعاة لأي عوامل أخرى، فيحصد خيبة أمل إن تكرّرت، يفقد اسم نادين حتى قدرته على الترويج. خيبة الأمل كبيرة، أعرب عنها محبّو الممثلة قبل المتربّصين بها، دراما المطاردات لها أربابها، وما عرض على الشاشة كان أشبه بفيلم هندي ينتمي إلى حقبة التسعينيات.

 

لم يكن الكاتب بلال شحادات موفقاً بقصّته، النص مهلهل، الحبكة مفقودة، الأمور تتعقّد ثم يأتي الحل بعصا سحرية. حبذا لو كانت هزيمة حيتان المافيات بهذه السهولة، لعمّ السلام والطمأنينة العالم ولكن..

 

بدأت القصّة مع اختباء النقيب سما (نادين نجيم) في قرية نائية هرباً من عصابة انتقمت منها بقتل والدتها، سما التي لم تتمكّن من الانتقام لوالدتها وفضّلت الاختباء، وجدت نفسها تواجه “الغول” (رفيق علي أحمد)، انتقاماً لقتل زعيم العصابة ناظم الديب. هذا الأخير، نبت له فجأة ابن (محمد الأحمد) كان ينأى بنفسه عن تجارة والده وينفض يده من إجرامه، جاء لينتقم لوالده، الذي عاش بسببه منفياً، يحمل وزر قتلٍ غير متعمّد لشقيقته حين كان طفلاً يلهو بمسدسٍ مثل كل أبناء رجال المافيات.

خطف ابنة سما، ثم أمر بقتلها، لا يختلف لؤي عن والده، لولا رسمية (كارمن لبس) التي تقاعست عن تنفيذ أمره، لبات قاتلاً عن سابق إصرار وتصميم. حاول المسلسل لاحقاً تبييض صفحته لتبرير وقوع سما في حبّه. تبرير يسقطه قتل الغول في سجنه على طريقة المافيات.

 

يجرّ سما معه إلى عملية في اسطنبول لينتقم من الغول. تظنّ بادىء الأمر أنّ هذا الشاب عاد لينتقم من تاجر مخدرات انقلب على والده وتسبّب بمقتله بخطّة محكمة، قبل أن تباغتك مشاهد صبيانية.

 

مشادة الزوجين أمام زعيم مافيا، حوارات فارغة، ثم تدق ساعة الانتقام، ، كل ما فعله لؤي وسما، إحراق المخزن الذي يحتوي على مال الغول ثم الهروب.

 

مشاهد المطاردات كانت نقطة الضعف التي أصابت العمل بمقتل. بدا فيليب أسمر، المخرج الموهوب وكأنه جندي ألقى أسلحته في قلب المعركة حامية الوطيس وجلس يستريح.

يتزاحم اللامنطق مع الاستسهال مع مشاهد الـ “هات إيدك والحقني” لتخلق حالة من الذهول.. سما تبدّل ملابسها بهدوء في قلب المطاردة، ثم تقوم بالتسوّق، ولاحقاً تنظّف جرح لؤي، هرم (طوني عيسى) يصل إليهما في الوقت المناسب، لؤي يطلق النار على الغول ويهرب دون أن يتعرّض إليه أحد.

 

ثم تأتي قمة اللامنطق، الرّيس عماد (غابرييل يمين) ينقل الغول الجريح في سيارته من اسطنبول إلى مزرعته في سوريا ليهتم به.

 

طبعاً ليس ثمّة إجابات على أسئلة لماذا نقله إلى سوريا؟ تستغرق الرحلة بين اسطنبول والحدود السورية في حدّها الأدنى 16 ساعة في السيارة. كيف عبروا الحدود؟ ليس مهماً، المهم أنّ نقل الغول إلى سوريا كان الهدف منه أن يقع في قبضة سما التي ستسلمه لاحقاً إلى السلطات اللبنانية.

 

تتوالى المشاهد وكلما ظننت أنّها بلغت قمّة الاستسهال، يأتيك الجواب “لم ترَ شيئاً بعد”.

مشهد رسمية تنقلب على الطفلة ميرا، تضع المسدس في رأسها لتسلمها إلى هرم كيف يكف عن تهديد الحوت (فادي ابراهيم) في سجنه. أراد صنّاع العمل تكريم الفنان الراحل الذي كان أحد أبطال الموسم الأوّل، فلم يجدوا سوى هذه الطريقة.

 

أما القمّة والذروة فيبلغها المسلسل في مشهد اقتحام المزرعة من قبل سما ولؤي، واعتقال الغول وابنته، ثم قيام عناصر من الأمن اللبناني بعبور الحدود السورية وإلقاء القبض عليه.

 

عرضت الحلقة في الليلة نفسها التي كان الأمن اللبناني ينسّق مع الأمن السوري لتسليم قتلة المغدور باسكال سليمان، وتسليم جثّته إلى الجيش اللبناني، أما في “2024” يقتحم الجيش اللبناني وقوى الأمن الحدود السورية ليتسلّم زعيم مافيا ويلقي القبض على سما. هذا اسمه احتلال. طبعاً لا وجود لقوى الأمن السورية، والحدود سائبة يخرج منها من يشاء ويدخل من يشاء كما يشاء.

 

ينطبق هذا على الحدود السورية التركية، حيث العبور متاح وسهل كما العبور من غرفة النوم إلى غرفة الجلوس.

تمرّ مشاهد طويلة بطيئة، وعندما يأتي الحسم يسلق كل شيء على عجل. كنا نتمنّى مشاهدة محاكمة سما من قبل المحكمة العسكرية، مرافعتها على طريقة منى زكي في “تحت الوصاية”، يوم دافعت عن نفسها لانغماسها في سرقة المركب ومعه حضانة ولديها ودفعت نحو تغيير قوانين، أما في “2024” لم نعرف حتى كم سجنت سما، وما هي التهم الموجهة إليها وكيف دافعت عن نفسها، وماذا يقول القانون اللبناني في شأن ضابط مسرّح من الخدمة ارتكب جرماً رغماً عنه ثمّ كفّر عن ذنبه كثيراً.

 

ولم نعرف لماذا ألقت الشرطة القبض على سما، وتركت لؤي الذي اعترف أنّ سما لم تكن تريد قتل زميلها، بل أرادت قتله هو لأنّه اختطف ابنتها وحاصرها، كان يزورها بشكلٍ طبيعي في سجنها ويهتم بابنتها ريثما تخرج ويكملان معاً قصّة حب، في تكرار للقصة التي بدأتها مع ابن تاجر المخدرات صافي الديب قبل سنوات.

 

نتساءل، كيف قبلت شركة “الصباح” بهذا النص؟ ولماذا أخفق فيليب أسمر بعد الحلقة السادسة، حين انتقلت الأحداث إلى اسطنبول وبدا أشبه بمخرجٍ مبتدىء؟ وما جدوى كل لقطات “الكلوز” التي تشتّت الانتباه؟ ومتى ستقتنع الممثلة نادين نجيم أنّها أعطت لهذا المسرح كل ما لديها، وبات من الضروري الانتقال إلى أعمال اجتماعية أكثر عمقاً. مشاهدها مع ابنتها ميرا كانت صادقة ومؤثرة، تؤكد مرّة جديدة أنّ هذه الممثلة لديها الكثير، وأنّ ما تستثمره في أعمالها لا شيء، أعمال لم تنصفها. لم يفت الأوان بعد، لكن مسلسلاً جديداً بعد غير مدروس تصبح العودة إلى القمّة مستحيلة.

 

باقي عناصر العمل سبق وتطرّقنا إليها، لا تكفي موهبة الممثل ولا اسمه ولا تاريخه لرفع عمل مضعضع، يتحمّل مسؤولية ما عرض على الشاشة الكاتب والمخرج معاً، أما الممثلون فأدّى كل منهم دوره كما هو مرسوم، والمرسوم كان ينقصه الحرفية تصبح بعدها كل الجهود هباءً، فكيف تأتي قمّة اللاحرفية من اسمين كبيرين في عالم الكتابة والإخراج؟ ولماذا تقع شركة “الصباح” للسنة الثانية على التوالي في فخ النصوص المترهلة وهذا لا ينطبق على “2024” فقط؟ ولماذا يُركن على الرف كتّاب لبنانيون قدّموا أعمالاً قيّمة لصالح ورش عمل أثبتت أنّها بحاجة إلى ورش ترميم؟

“2024” خيبة أمل جديدة، أي خيبة أمل بعده ستكون بمثابة الإصابة بمقتل، بعدها لا ينفع أي ترميم.

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.