3 أعمال دراميّة تفضح الغرف السّوداء في المختبرات الطبيّة

السبت 13 مايو 2023
بيروت- إيمان إبراهيم
رغم انحسار جائحة كورونا، لا يزال الجدل قائماً حول ما إذا كان الفيروس الذي قضى على 20 مليون شخص حول العالم بحسب تقديرات منظّمة الصحة العالمية قد تسرّب من مختبر، وأنّ يكون كل هذا الشر الذي ضرب كوكب الأرض ثلاث سنوات من صنع البشر، وما إذا كانت الأمراض المعدية صنيعة الإنسان، الأطباء والخبراء على وجه التحديد، من ننتظر منهم الدواء فيأتونا بالدّاء.
ألهمت هذه الحقبة والجدل القائم حول أصل الفيروس صنّاع الأعمال الفنّية من مسلسلات وأفلام، ودفعت بالعديد منهم إلى البحث في خفايا الطّب، حيث الصّورة ليست دائماً ناصعة البياض، وحيث يجري خلف أبواب المختبرات أحياناً، رسماً قاتماً لمستقبل العالم، وتصنيعاً لفيروسات إذا تسرّبت يكون العالم على موعد مع كارثة كبرى.
كثيرة هي الأعمال التي تطرّقت إلى الغرف السّوداء في المختبرات الطبيّة، خصوصاً مع انتشار حمّى لقاحات كورونا، التي فتحت البّاب أمام نقاشات أخلاقيّة تمسّ جوهر الإنسانية: هل مقبول أن نتحوّل إلى فئران تجارب للقاحات؟ وماذا عن اللقاحات السّابقة؟ ما هو الثّمن الذي دفعته فئران التّجارب البشريّة حتى وصلت اللقاحات إلى صيغتها النهائيّة دون أن ندرك الطّريق الذي مرّت عبره؟ وماذا عن الأدوية؟ هل فعلاً ثمّة أدوية لكل الأمراض تخفيها الشّركات طمعاً بالرّبح؟ وتخفيها الجهات المعنيّة خوفاً من انفجار سكّاني تجفّ معه موارد الأرض عندما يتوقّف المرض عن قتل النّاس؟
من بين الأعمال المعروضة، ثلاثة أعمال تطرّقت إلى خفايا غرف المختبرات السّوداء، حيث قد يكون ما نشاهده مجرّد دراما من صنع كاتبها، أو نظرية مؤامرة، أو ربّما حقيقةّ مرّة.


مسلسل Sweet Touth الأميركي… عن تسرّب الفيروس خرب العالم
عّرض مسلسل Sweet Touth الأميركي في صيف 2021، عندما كان العالم يتعافى ببطء من فيروس كورونا، وكان من المتوقّع ألا يحظى بكل هذا النّجاح، خصوصاً أن المتلقّي كان قد ملّ من الفيروسات والجوائح والحديث عنها، إلا أنّ المفاجأة كانت في النّجاح المدوّي الذي حصده المسلسل، لما فيه من إسقاطات على واقعنا، وعلى مستقبلنا في حال طال أمد الجائحة.
قبل أيام، انطلق عرض موسمه الثاني على نتفليكس، في استئناف لأحداث المسلسل عن جائحة تضرب العالم ويطول أمدها، وتكون الأقوى بعد الطاعون الذي قضى على ملايين البشر. لا أفق للعلاج ولا لقاح، والفوضى تسود العالم، وتقضي على كل مظاهر الحياة فيه، وسط عجز الطّب وتحوّل البّشر إلى مجرّد كائنات تدافع عن وجودها.

sweet touth

مع انتشار الفيروس يولد أطفال هجينون، هم مزيج بين أطفال وحيوانات، يملكون كل مقوّمات السّلوك البشري لكنّ أشكالهم هجينة، يربط البعض بين ولادتهم وانتشار الفيروس، بينما يرى البعض الآخر أنّهم نتاج الفيروس وليس مسبباً له. وتبدأ ملاحقة الأطفال لإبادتهم بهدف التخلّص من الجائحة، التي يتبيّن أنّها نتاج تجربة خاطئة تسرّبت من المختبر.
يفتح المسلسل باب النّقاش حول أخطاء علماء الفيروسات، وكيف أنّ خطأً واحداً قد تكون مفاعيله خطيرة على مستقبل البشر، وقد تضع الطبّ في موقف العاجز عن إيجاد الحلول.
تطول النّقاشات ويحلو للبعض أن يجنح نحو نظريّة المؤامرة، في حين أن للعلماء جواب لكل سؤال، حتى لو ثبت خطأه فيما بعد، إلا أنّ المؤكّد أنّ ما نشهده اليوم ليس كلّه بريئاً، وأنّ ثمّة تجاوزات ارتكبت، وأناس دفعوا حياتهم ثمن تجارب سريّة، لا تصنّف حتّى ضمن الأخطاء الطبيّة.

BioHackers مسلسل ألماني يفضح خفايا الغرف السّوداء
لم يحظَ مسلسل BioHackers الألماني الذي عرضته نتفليكس على موسمين العام الماضي بدعاية ضخمة، رغم أنّه يمتلك كل عناصر النّجاح.
يتطرّق المسلسل إلى الطالبة ميا، التي ترتاد كليّة الطب للكشف عن تجربة تورّطت فيها بروفيسورة في الجامعة، وأدّت إلى موت شقيقها التوأم.
للبروفيسورة رأي آخر، إذ أنّها كانت تجري تجارب على عدد من الأجنّة، للوصول إلى تكوين جهاز مناعي يقي البشر من المرض، مات الكثير من الأجنّة وبعضهم ولد وعاش مريضاً ثم مات طفلاً، بينما نجت ميا بجهاز مناعي مقاوم للأمراض.
يدخل المسلسل في دهاليز المختبرات، حيث يتعامل العلماء مع البشر كفئران تجارب، على طريقة أن الغاية تبرّر الوسيلة، حتى لو كانت الوسيلة موت الكثيرين في سبيل الوصول إلى مجتمع خالٍ من الأمراض.

Biohackers

في الموسم الثاني، يتطرّق المسلسل ضمن السياق نفسه إلى دواء يتمّ تجربته على ميا، لأنّ جهاز مناعتها يتحمّل التّجارب، قبل أن تصبح هدفاً للتّصفية، كي لا تعمّم ثقافة المجتمع الخالي من الأمراض، الذي يتكاثر فيه السكّان ويعمّرون، وتصبح الأرض غير قابلة على استيعابهم ولا على تأمين مواردهم.
نقاش علمي وطبّي وإنساني وأخلاقي يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة، كيف تطوّرت العلوم الطبيّة؟ من دفع الثّمن؟ من كان عليه أن يقدّم نفسه قرباناً على مذبح الطّب؟ هل فعل ذلك طواعيّة أم سيق رغماً عنه إلى مصير مجهول؟

The Barrierمسلسل إسباني يفتح النقاش حول تجارب اللقاحات
عندما أطلقت نتفليكس مسلسل The Barrier الإسباني في نهاية العام 2020، كانت لقاحات كورونا لا تزال قيد التجربة، وكان ثمّة تساؤلات حول جدواها، وحول التّجارب التي أقيمت حولها، في فترة لا تتجاوز أشهراً قليلة، في حين تحتاج اللقاحات إلى سنواتٍ من التجارب.
يلقي المسلسل الضّوء على الجانب المظلم من الطب، حين تصبح الفئات الأضعف في المجتمع فئران تجارب، بعد أن يجتاح وباء قاتل العالم.
تجري أحداث المسلسل في العام 2045. في رؤية معاكسة لكل ما قدّمته الأعمال الدراميّة والسينمائيّة للعالم بعد نصف قرن. لا ناطحات سحاب، ولا رجال آليين ولا صحون طائرة، بل عالم ينهض من حرب عالميّة ثالثة، يعاني البؤس والفقر واستبداد الأنظمة القمعيّة.
وفي خضم هذه المآسي يجتاح فيروس قاتل العالم، كما اجتاحت الأنفلونزا الإسبانيّة العالم بعد الحرب العالميّة الأولى في العام 1918 وقتلت الملايين.

يلقي المسلسل الضوء على شركات الأدوية، التي تحتاج إلى فئران تجارب، ولأن الحرب أرحت بظلالها على المجتمع وقسّمته بين فقراء وأغنياء يفصل بينهم جدار، يقع الاختيار على أولاد الفقراء الأيتام منهم على وجه الخصوص، لتتمّ تجربة اللقاحات عليهم.
فشل اللقاحات يتحمّله هؤلاء، أما نجاحها فيعود بالفائدة على الأثرياء الذين يملكون القدرة على دفع ثمن اللقاح للوقاية من الفيروس القاتل. في نظرة استبقت توزيع لقاحات كورونا بعام كامل، حيث حظيت الدّول الغنيّة بحصّة الأسد، ولا تزال الدّول الفقيرة تخوض معركتها للحصول على اللقاحات، التي تبيّن في نهاية المطاف أنّها حتّى لا تقي من العدوى، وأنّها لا تزال موضع اختبار، الفارق هذه المرّة أنّ فئران التّجارب ذهبوا بأنفسهم لتلقّي اللقاح، ولم يكونوا من الفئات الأضعف، بل كانوا معظم سكّان الأرض.
فهل هي مخيلة الكاتب التي أضفت على غرف الطب السريّة كل هذه السّوداوية، أم أنّ الصورة الحقيقية أكثر قتامة؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.