هكذا نحتفل بيومنا الوطني في الخارج

 

سلمان بن محمد العُمري

إذا كان حب الأوطان من الغرائز الإنسانية فإن محبة هذا الوطن الغالي المملكة العربية السعودية يجمع بين الغريزة الإنسانية والفريضة الإيمانية، هذه المحبة التي يشاركنا فيها كل مسلم ينشد الحق والعدل والتاريخ الطويل والواقع الجميل؛ فهذه البلاد المباركة جعل الله لها خصائص تنفرد بها عن غيرها من البلدان فهي مهبط الوحي ومنبع الرسالة وحامية حمى التوحيد في هذا الزمان، مع ما حباها الله من خيرات ونعم أسهمت من خلالها في دعم الاستقرار الاقتصادي في العالم وكانت من الدول الرائدة في نشر السلام والعمل الإغاثي.

ومع حلول موعد اليوم الوطني 92 لهذا العام 1444هـ-2022م تحت شعار: «هي لنا دار».

تطالعنا الأخبار بالاحتفالات والمشاهد المألوفة في معظم السفارات فكل سفارة تحتفل بمناسباتها الوطنية وتقوم بترتيب حفلات استقبال في مقر السفارة أو في أماكن خاصة بالاحتفالات، وسفارات المملكة في الخارج تسير وفق هذا النسق حيث تنظم السفارات وممثلياتها في الخارج الاحتفال باليوم الوطني الذي يصادف الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام، وتتميز الحفلات التي تقيمها السفارات السعودية بكبر حجمها وكثرة عدد المدعوين لها ويدعى لها السفراء كما يدعى لها النخب السياسية والثقافية والاقتصادية والإعلامية في المجتمع.

والملحظ الغالب في معظم الحفلات التي تقام في سفارات المملكة في الخارج أنها ذات طابع واحد يقف السفير ويرحب بالمدعوين ثم يدعوهم لحفل العشاء، فيما سبق لبعض السفارات أن دعت بعض فرق الفنون الشعبية للمملكة وقدّمت عروضاً من الأهازيج والرقصات، وعدا ذلك فإن الحفلات تقتصر على ذلك، وقد يجتهد بعض السفراء ويضع سجلاً تسجل فيه انطباعات بعض الحضور وأمنياتهم لبلادنا.

وكنت قد كتبت حول هذا الموضوع في مقالات سابقة، وقلت إنّنا لا نستفيد من هذه المناسبات بالتعريف ببلادنا وتاريخنا وما لدينا من منجزات حضارية وأعمال إنسانية ونهضة تنموية ولم نقدم أنفسنا في محافلنا أو توضيح مواقف المملكة وتمنيت في حينها ولا أزال أن يتم إعداد عمل إعلامي مرئي متميّز تشارك فيه وزارة الثقافة، ووزارة الإعلام، ووزارة الخارجية ويكون بلغات عدّة ويكون العرض متعدداً، فما يقدّم في البلدان الإسلامية مع الحديث عن تاريخ المملكة يقدّم تعريفًا بجهود المملكة في خدمة الحرمين الشريفين وإعمارها والمشاعر وخدمة القرآن الكريم وجهودها في التضامن. ولدى الدول الصديقة يتم التعريف بتاريخ المملكة وما فيها من آثار، وما تقدّمه للعالم من برامج إنسانية ودعم للدول وهكذا، مع طبع كتيّبات بلغات مختلفة إلى جانب العرض المرئي، وفي الدول التي يوجد فيها عدد من أبنائنا المبتعثين فيتم الاستفادة منهم في شقّين الشق الأول: أن يسهموا في التعريف ببلادهم في اليوم المفتوح في الجامعة أو في اليوم الوطني وتزويدهم بالمنشورات والمطبوعات والعروض المرئية.

والشق الثاني: أن يقدّم هؤلاء فقرات من تراثنا الشعبي في حفل السفارة. وبهذا نكون قد استفدنا من شبابنا في الخارج بالتعريف ببلادهم ومنجزاته بل وتعزيز حب الوطن لديهم في بلاد الغربة، ولا أنكر أن للشباب السعودي وبجهود فردية ذاتية اجتهادية دورًا في التعريف ببلادهم ولكن بما يملكونه من إمكانات يسيرة مادياً ومعنوياً.

إن المعتاد حضور نخب متميزة في كل بلد لحفل السفارات، ومن الأهمية أن نستفيد من حضورهم في أن نقدّم أنفسنا، ونعرّف ببلادنا وأن يكون الاحتفال باليوم الوطني فرصة للمزيد من التواصل المعرفي والاستفادة من التقنية الحديثة بالعرض المباشر خلال الحفل أو تزويد الضيوف بنسخة وصلات إليكترونية حافظة للمعلومات أو CD، ولا يمنع أيضاً أن تسهم المؤسسات الاقتصادية الكبيرة في بلادنا في التكاليف والإعداد والتنفيذ وخاصة ممّن لديها خبرات في المشاركة في المعارض الدولية والمناسبات كهيئة الاستثمار، وأرامكو، وسابك وغيرها من المؤسسات المقتدرة مادياً وفنياً، وكذلك اشتراك دارة الملك عبدالعزيز في إعداد المادة التاريخية المناسبة.

وإذا ما أردنا المشاركة الفعالة في المناسبات القادمة فلابد من المبادرة من الآن في إعداد عمل إعلامي وطني يسهم في التعريف ببلادنا ومنجزاتها وتاريخها ورؤيتها.

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.