لهذه الأسباب.. الانتخابات التركية الحالية الأهم في تاريخ تركيا

الأحد 14 مايو 2023
أكد الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية والكاتب في صحيفة ديلي صباح التركي محمود علوش، أنّ “الانتخابات التركية الحالية، تبدو منافسة غير مسبوقة في التاريخ الحديث لتركيا بين تحالف حاكم وائتلاف معارض من أجل السلطة، إلّا أنّها، قبل كل شيء، ستكون استفتاءً على الإرث الذي صنعه أردوغان، الحافل بالإنجازات والجدل على حد سواء”.
وقال علوش لـ”نص خبر” إنّ هذه الانتخابات هي أهم انتخابات في التاريخ الحديث للجمهورية التركية لعدة اعتبارات، أوّلها أنها اختبار لقوة أردوغان الذي يحكم تركيا منذ عقدين، هو أقوى أحد الزعماء الذين تعاقبوا على حكم تركيا بعد تأسيسها وربما بعد أتاتورك، والتحولات الهائلة التي أحدثها خلال عقدين من السلطة إن على هوية تركيا الداخلية أو على علاقتها مع الخارج، كل هذه اليوم هي محطّ اختبار”.
وتابع “هذه الانتخابات مهمة بالوساطة لأن المعارضة في حال وصلت إلى السلطة، تعد بتغيير جذري في تركيا وفي سياستها الخارجية، كما أنّ هذه الانتخابات ستحدد المكان الذي ستتخذه تركيا في هذه المنافسة وهذا العصر الجديد من المنافسة الجيوسياسية بين القوى الكبرى”.


وأكمل “أهمية هذه الانتخابات أيضاً تكمن في أن تركيا تلعب دوراً أساسياً في عملية إعادة تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، وأي تراجع في الدور التركي ستكون له عواقب على المصالح التركية في المنطقة، وسيخلق فراغات كبيرة في محيطها الإقليمي”.
وعن تأثير هذه الانتخابات على علاقات تركيا الخارحية قال “الرئيس أردوغان استطاع أن يحوّل تركيا إلى قوّة قائمة بحدّ ذاتها مستقلّة عن الغرب، لديها علاقات متوازنة عن روسيا، المعارضة تعد في حال فوزها بإعادة تأكيد على هوية تركيا كجزء من حلف شمال الأطلسي، وكذلك بإعادة تشكيل علاقات مع روسيا على قواعد مختلفة عن تلك التي استطاع أردوغان أن يبنيها مع بوتين.”.
وعن التغييرات التي قد تفرزها هذه الانتخابات داخلياً يقول “في الداخل، هذه الانتخابات مهمّة لأن المعارضة في حال وصولها إلى السلطة لن تغيّر سياسياً فحسب، بل تعد بإلغاء النظام الرئاسي والوصول إلى نظام برلماني معزّز، لأن التحالفات السياسية التي نتجت عن هذه الانتخابات خلقت ديناميكية جديدة في الحياة السياسيّة التركية. هذه المرة الأولى التي نرى فيها حزبا علمانيا تقليديا وهو حزب الشعب الجمهوري دخل فيها في تحالف مع حزب الشعوب الديموقراطي الكردي، هذا التحالف في حال وصل إلى تركيا سيعيد تشكيل السياسة الداخلية، وأهمها مسألة الأمن”.
وعن تأثير التضخّم والأوضاع الاقتصادية المتردّية في تركيا على نتائج الانتخابات قال “المنافس الأصعب الذي يواجه الرئيس أردوغان اليوم هو التضخّم وليس المعارضة”.


وعن تأثير التضخّم على المشهد السياسي التركي قال “التضخّم شكّل ضغطاً كبيراً على الرّئيس أردوغان، لكن خلال الفترة الماضية، كانت هناك حزم تحفيز اقتصادية واسعة اتّخذها الرئيس بزيادة رواتب القطاع العام، ورفع الحدّ الأدنى للأجور بنسبة خمسين بالمئة، هذه الحزم ساعدت من حد التضخم على شعبية الرئيس أردوغان، لأنّه بحسب استطلاعات الرّأي الأخيرة، كان هناك تعافي في شعبيته رغم أنّ نسبة التضخّم لا تزال مرتفعة بشكل كبير”.
وتابع “أعتقد أن جزءاً كبيراً من سياسة أردوغان الاقتصادية خلال العام الأخير كان قائماً على حسابات انتخابية بشكلٍ أساسي. في مرحلة ما بعد الانتخابات حتّى لو استطاع الرئيس أردوغان أن يفوز في انتخابات اليوم أو في 22 مايو في حال لم يحصل الحسم اليوم، لا يمكن لتركيا أن تستمر في النهج الاقتصادي الحالي.”.
وفي حال فوز المعارضة كيف سيؤثر على الوضع الاقتصادي؟


قال “واضح أن التوجه الجيوسياسي للمعارضة فيما يتعلّق بالسياسة الخارجية التركي سيميل إلى الغرب إذ وعد زعيم المعارضة قليجدار أوغلو بإعادة التأكيد على هوية تركية الأطلسية، كما وعد بإعادة تشكيل العلاقة مع روسيا على قواعد غير تلك التي بناها أردوغان، وبالتالي هذا التحوّل يفترض من وجه نظر المعارضة أن يؤدي إلى تحسين العلاقات مع الغرب، وتخفيف حدّة الضغط الذي يواجه الاقتصاد التركي”.
وتابع “هناك رهان على أنّه في حال فوز المعارضة التركية ستعود الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد وستضخّ مليارات الدولارات في الاقتصاد التركي، هذه الرهانات محفوفة بالمخاطر إلى حد كبير. جانب من الخلافات بين تركيا والغرب ستبقى قائمة بغضّ النّظر من يحكم تركيا قد نشهد تهدئة في التوترات، واندفاعة متراجعة للسياسة الخارجية التركية، لكن المشاكل ستبقى قائمة مع الاتحاد الأوروبي مثل القضية القبرصية العائق الأساسي أمام اندماج تركيا في الاتحاد الأوروبي، ستبقى مسألة شرق المتوسط مسألة خلافية مزمنة مع اليونان، ستبقى هناك قضية كثيرة معقدة مع الولايات المتّحدة الأميركية، لذلك لا أعتقد أي فوائد اقتصادية غير متوقعة بالنسبة إلى تركيا ستفرزها نتائج الانتخابات الحالية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.