فيوليت أبو الجلد: العادي والمكرر والمعروف والمقبول والمؤكد أعدائي

30 مايو 2023

حاورها هاني نديم

((أكتب لأني لست بخير ، لأني لا افهم ما يجري، لأني قلقة وخائفة ومتهورة، لأن يدي بركان لأني مفترِسة ومفتَرسة من كائنات تلاحقني ، من خيالات تتكاثر بي من هواجسي ، لأن قلبي يتصدع ولا دويّ له ، له طعم مرّ.هناك سحر منسيّ خلف هذا السحر أبحث عنه كل يوم ، هكذا أؤجل انتحاري، هكذا أغامر رغم الضجر والعزلة والمآسي)) لعل هذا المقتطف من كتابات الشاعرة اللبنانية فيوليت أبو الجلد يصلح كمدخل إلى شاعرة خاصة ومختلفة، رقيقة لحدٍ جارح، بنصوصها التي تدمي وتجرح مثل الحرير الرهيف تماماً. سألتها: 
  • نصك هشّ حدّ القسوة أحيانا.. هل تتعمدين ذلك أم أنه معجمك وصوتك الفطري؟

– لا أتعمد شيئاً خاصة في الكتابة، قلت مرة : القسوة رقة تهذي بجراحها، ربما لهذا ينساب النص مني كما ينساب .أكتب لأرمم عالمي، لألملم ضحاياي، لأشمّ مأساتي. لأن كل هذا الخراب أرجوحة بين الفكاهة والكوابيس. لأن العادي والمكرر والمعروف والمقبول والمؤكد أعدائي. أكتب علاقتي الشخصية بالأشياء والمعاني وكأن ” لا أحياء على هذا الكوكب سواي “.  أكتب ولا أبالي .

  •   امتلأ الوسط خاصة الوسط “الميدياوي” بالشاعرات والشعراء، هل أثر هذا على الشعر إيجابا أم سلبا.. هل تتابعين ما يجري؟

-الوسط الميدياوي امتلأ بالتفاهة عامة، لعل الشعر هو الأقل تضررا ، فأنا أعشق ما يلمع وسط العتمة ، ما يناديني فجأة ، ما يفتنني بعد ملل. ثم الإدعاء لا يصنع شاعراً، الصراخ على المنابر لا يصنع شاعرا، كثرة المشاركات والملتقيات والظهور لا تصنع شعراء. ما يحزنني هي التفاهة والتسطيح والخفة في استعراض الناس لحياتهم ، عدم احترام الانسان لإنسانيته ، لأسرار بيته، لسموّ روحه. إنه زمن الإنحطاط دون منازع.

الصراخ على المنابر لا يصنع شاعرا، كثرة المشاركات والملتقيات والظهور لا تصنع شعراء. ما يحزنني هي التفاهة والتسطيح والخفة في استعراض الناس لحياتهم

  • شاعرة جميلة، تهمة مسبقة وتصور معلّب.. هل يضايقك هذا وكيف تتعاملين مع هذا؟

-.”الجمال ليس خاصيّة في الأشياء بل في العقل الذي يتأملها” يقول ديفيد هيوم، أحب هذه العبارة ، فالجمال ليس ما نراه بل ما نسعى إليه، ما يمتعنا بذكاء ورقة ودفء، ما نتأمله فنزداد منه ويزداد منا. الشاعرة الجميلة لا تختلف عن غيرها إلا في ما يجول في أفكار الآخرين.  لست معنية برأس أحد ولا أتعامل مع المشهد من أساسه.

أنا جميلة حين أكتب وأكثر جمالا حين أحب ولا أتألق إلا في وحدتي الصمت هو الصوت الوحيد الذي يأسرني .

أشياء كثيرة تغيرت، الثابت الوحيد في حياتي هي رنة هاتفي : ” ڤولي ڤولا ردّي علتلفون”

 

  • بين الأمس واليوم.. ما الذي تغير في فيوليت.. نصا وشخصا ؟

-النص والشخص لا فرق ، صرت أكثر بساطة ورقة وعمقاً وحزناً، أشاهد كل يوم أفلام رعب وأقرأ قصصاً عن الأشباح والمجانين والمشعوذين، أحب هذه الكائنات المتواطئة مع الغموض والخوف والمجهول، لا أحب الولاء ولا التبعية لا لدين لا لانتماء لا لسلطة ولا لأيدولوجيا.

أحب ما فعله الحب بي في الماضي وما يفعله اليوم .الحب يبتكر نفسه كل لحظة باللغة، أتمنى أن أسافر أكثر ، أن أكتب أكثر ، أن أعشق أكثر .  أن أعيش بين الغيم وفي القطارات السريعة وعلى قوارب تبتعد كما ينفلت اليقين من بين أصابعي يوما بعد يوم.

أشياء كثيرة تغيرت، الثابت الوحيد في حياتي هي رنة هاتفي : ” ڤولي ڤولا ردّي علتلفون” بصوت طفل سيشبهني الى الأبد.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.