فتى قريش المدلل – علي عمران

26 مايو 2023


علي عمران – شاعر مصري 

وهل يخفَى القمر؟!

عُمَر بن أبي ربيعة… فتى قريش المُدلَّل، الوسيم، المُتأنِّق، الشاعر الذي أوقفَ جميعَ شعرِه على الحب والتغزُّل بالجميلات لم يمدح أو يفتخر سوى بنفسه، لم يكتفِ بامرأةٍ واحدة مثل: مجنون ليلى، ومخبول لبنى، وعاشق بثينة، ومتيَّم نورهان لأن كل جميلة كانت ملهمته وحبيبته وبطلة مغامراته وحطب شاعريته.. فمن هند، إلى نُعْم، إلى سلمى إلى سعاد:
إنِّي امرؤٌ مولعٌ بالحسنِ أتبَعُهُ
لا حظَّ لي فيهِ إلَّا لذةُ النظرِ

وُلِد في مكة عام ٦٤٤م وقد أتيحَ له من شبابه وجماله وفُتوتِه وثرائه وعراقة أصله فضلا عن كونه وحيد أمه (يعني ما دخلشي الجيش)
ما يسَّر له سُبلَ الحياة الرغدة اللاهية

اقتحم خباء الجميلات، واقتنص المتعة وصوَّر ما كان بينه وبينهن
شعرا جميلا يتَّسمُ بالرقة، ورشاقة اللفظ والأناقة في التعبير
في إطار من القص الشعري يتخلّلُه حوار بينه وبين محبوبته، انظر ماذا قالتْ له “نُعْم” عندما اقتحم خيمتها في غفلة من قومها:
وقالتْ وعَضَّتْ بالبنانِ: فضَحتَني
وأنتَ امرؤٌ ميسورٌ أمرِكَ أعسَرُ

(يعني عضّت صوابعها من الخوف وقالت له فضحتني هو انت كل حاجة عندك سهلة كدا يا منيِّل)

هو شاعرٌ مشغول دائما بالوصف الخارجي للأنثى
القوام، الوجه، العينين، الشفتين، المشية، الشعر، الصوت، الحلي، الكحل، الحناء، الخلاخيل
مع نفاذ إلى خوالج المرأة في بعض الأحيان يصفُ مشاعرها ويتحدث بصوتها ويتكلم بلسانها ويشبهه في هذا أنجب تلامذته في العصر الحديث الشجرة التي ألقاها من صحراء مكة لتنبتَ في حدائق الشام بعد أكثر من ألف عام قصيدة بلون الورد اسمُها نزار قباني

عنده زهو شديد بنفسه ويُدرك إعجاب النساء به.. وكيف لا وهو شاعر المرأة لا يكتب غزلا في إحداهن في موسم الحج حتى ينتشر هذا الشعر في كل مكان فتَدِلُ به الملهمة على مثيلاتها من البنات بأن عمر بن أبي ربيعة اصطفاها وفضلها على بنات العالمين

وفي زهوه بنفسه يقول في شكل حوار مُتخيَّل بين ثلاث فتيات شقيقات:
بَينَمـا يَذكُرنَني أَبصَـــرنَني
دونَ قَيدِ المِيلِ يَعدو بي الأَغَر

قالَتِ الكُبرى: أَتَعرِفنَ الفَتى؟
قالَتِ الوُسطى: نَعَـم هَذا عُـــمَر

قالَـتِ الصُغرى وَقَد تَيَّمتُها:
قَد عَرَفناهُ.. وَهَـل يَخفى القمر؟!

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.