صافيناز جمال: نازك الملائكة علامة فارقة فى تاريخ الشعر العربي

27 مايو 2023
نص خبر / مكتب القاهرة
كيف واجهت نازك الملائكة فى هذا الوقت المبكر المجتمع الرافض تمامًا للتنوع على مستوى النوع والفن ؟!
وكيف ترين الاحتفال بمرور مئة عام على ميلاد نازك الملائكة مؤخرًا ببيت الشعر العربي بالقاهرة ؟!
وكيف ترين حضور نازك الملائكة فى الثقافة العربية ؟!
بهذه التساؤلات توجهنا للكاتبة والفنانة التشكيلية صافيناز جمال فأجابت :
تقول الأسطورة أنه حينما امتلئت الحياة بالبشر النهمين بحبها وزاد المتشبثين بها أصبحت الحياة كأم تئن من كثرة صغارها وحاجتهم لها.. وحدهم المبدعون دون هؤلاء الذين استطاعوا أن يزيلوا عنها اكتئاب مابعد ولادة البشر فهم وحدهم من أبنائها الذين عرفوا برها وأعانوها علي تهذيب أقرانهم فكافأتهم الحياة بأن خبأت قطعًا من أرواحهم بعيدًا عن الموت حتي إذا ما جاء ميعادهم لا يجد الموت مايقبضه منهم إلا بالكاد مايكفي لاستخراج شهادة وفاة لأجسادهم بينما ظلوا مختبئين كل فيما صنع!
وحديث اليوم عن إحدي أبناء الحياة البررة التي حضرت إلي بيت الشعر العربي في القاهرة لتشهد احتفال الشعراء والأهل وورثتها من المثقفين بمئويتها .. مائة عام من ميلادها حضرت ورغم أن حضورها كان متخل عن الجسد إلا أن حضورها المعنوي الكبير حمل رئيس بيت الشعر الأستاذ سامح محجوب علي تقديم الحفل بصيغة الحاضر وليس من قبيل المجاز وكأن روحها ملئت المكان وكادت تصافح الحضور ولا أستبعد حدوث ذلك !!
لكأن الجميع وقد تلبثتهم روحها في تقديم بعض النصوص الخاصة واستعراض تاريخها الحافل فنازك الملائكة نقطة فارقة في تاريخ الشعر العربي ليس فقط لكونها من رواد شعر التفعيلة أو ما أطلق عليه حينها الشعر الحر وذلك لتمرده علي القالب العتيق لشعر العمود فهذه واحدة يضاف إليها أنها شاعرة لا شاعر وكلنا يعلم كم من حرب نشبت في تاريخ الأدب علي شرف هذه التاء المربوطة يضاف إلي ذلك أنها إحدى رائدات المدرسة الذاتية في الكتابة فقد جرت العادة أن الشاعر القديم يشطر نفسه داخل القصيدة مرة أو أكثر إلي أنا وآخر أو أنا وآخرين يحدثهم ويبادلونه الحديث وكأنه لا يجرأ أن يحدث نفسه مباشرة دون حجاب هذا ما قفزت عليه نازك الملائكة في قصيدتها “أنا” حيث حدّثت نفسها والريح والزمان ماينطق وما لا ينطق دون التخلي عن المجاز أو علوم البلاغة في التناول، والثالثة أنها لم تكن قيد المصنف الأدبي أو الإبداعي الشعري فحسب رغم تميزها فيه فنازك الملائكة لها العديد من الكتابات النثرية المتنوعة بين أدب ونقد كما أنها تخرجت من فنون جميلة بالعراق قسم موسيقي وهذا ما يعيد إلي الأذهان فكرة العَالِم الموسوعي الذي يجيد الدراسة والتميز بأكثر من علم هكذا كانت نازك الملائكة مبدعة موسوعية بدأت كبنت بارة لأسرة من الكتبة متجسدة في أم شاعرة وخال شاعر، وأب كاتب ورغم إتقانها لعدد من اللغات لكن بيئتها المبدعة عملت علي صقل قاموسها العربي والإبداعي وحفظت لها الهوية الإبداعية والعربية منذ الصغر.. أهم ما يميز ليلتها في بيت الشعر هو الحضور الحقيقي الذي جعل من بيت الشعر بيتًا حقيقيًا يسكنه المبدعون على اختلاف أزمنتهم وأتاح الفرصة لاستضافة مريديهم والقرب منهم بل والاشتباك المباشر معهم روحًا وإبداعًا، كانت ليلة حالمة صحبتها موسيقي شرقية كوسيط روحي أعاد نازك الملائكة وأعاد للمبدع العربي حلم الوحدة الذي جعل الإذاعية الكبيرة حكمت الشربيني تتمني لو ينتهج الساسة العرب نهج شعرائهم لتوفير وقت في سبيل الوحدة وأنا أعيد السؤال علي مسامع مدير بيت الشعر الأستاذ سامح محجوب الذي عمل جاهدًا علي ترميم البيت ثقافيًا بكل ما يليق بأثر المكان وتاريخه الثقافي وكذلك الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي عرّاب الصالون ومستضيف المبدعين هل نحن بحاجة لبيت شعر لساسة العرب أم أنهم هم الذين بحاجة لزيارة بيت الشعر!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.