دار الأوبرا السورية… 19 عاماً من الأحلام التي تعانق خشبات المسارح!

9 مايو 2023

وسام كنعان- دمشق

برشاقة مفرطة، تركت أمسية الليلة الماضية بمناسبة الاحتفال بالعيد التاسع عشر  لدرا الاوبرا الفرصة أمام  الجمهور كي  يرتفع نحو المزاج المعتدل بسرعة شهاب يقطع عتم السماء.

حضور موسيقي أحيته الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله .  بتمعّن يوازي إحساساً بالرقص فوق عند النجوم. نتلقّف موسيقى الفرقة  بنهم مَنْ جوّعته صرعة الاستهلاك، والنشاز المنفّر لبعض الحفلات التي تنتشر كالنار في هشيم السوشال ميديا السورية. إذاً، تسعة عشر عاماً  من الفن والموسيقى والرقص والعطاء وأحلام الموسيقيين والمغنين التي تعانق خشبات المسارح في دار الأوبرا احتفل بها  ليلة أمس، بسهرة مختارة بعناية من عيون الطرب الأصيل، مع محطاتٌ على التراث السوري العريق، وتجاربَ موسيقية شابة في أمسية البرنامج الفني ضمّ أعمالاً موسيقية آليّة وأخرى غنائية، مستعرضاً تجاربَ موسيقية سورية في التأليف الشرقي الأوركسترالي، وأصواتٍ أكاديمية هامة كما لفت قائد الفرقة، ومسلّطاً الضوء على القدود الحلبية وعلى العود السوري اللذين تحوّلا من فلكلور شعبي إلى تراث إنساني عالمي منذ أدرجتهما اليونسكو على قائمة التراث الثقافي اللامادي.

بعد أن غنّى الكورال الموشح السوري الشهير “في الروض أنا شفت الجميل” قدّم المنشد ومغني الموشحات والقدود والمقامات محمود فارس قادماً من حلب مجموعة من “القدود الحلبية”، وبصوت سيلفي سليمان حضرت أغنية “أنا في انتظارك” للسيدة أم كلثوم، بينما غنّت ليندا بيطار “وصلة من أغنيات السيدة فيروز”.  ومن المؤلفات الآليّة عزفت الأوركسترا في افتتاحية الأمسية “احتفالية موسيقية” من تأليف مهدي المهدي، ومن مؤلفات عدنان فتح الله استمع الجمهور إلى “دبكة رقم 1” و “رقصة منتصف الشهر” التي اختُتم بها الحفل، تخلّلت ذلك مقطوعة “لقاء” لمؤلفها كنان أدناوي الذي قدّمها للجمهور على العود.

ربما تكون من الأشياء النادرة التي تجعل السوري يعزّي نفسه بأنّه اختار البقاء في بلاده، بعض حفلات «دار الأوبرا» التي يحييها فنانون مبدعون يعتصمون في الشام حتى اليوم! ولعلّ المايسترو عدنان فتح الله والمغنية لينا بيطار والعازف كنان أدناوي يجعلون المتابع يقول في سرّه عند حضور أي أمسية موسيقية لهم : «حسناً هناك موهوبين ما زالوا في البلاد ولم يهاجروا». ثم سريعاً وبعصا ساحر، يقفلوا عليه أبواب التفكير السلبي، ويخلّصوه من ثقل الإحباط وجور الحياة الكالحة التي يعيشها في بلاد الحصار والجوع والعتم…

صنعت الأمسية خلال ساعة ونصف الساعة من الزمن تقريباً، دفقة من العمق الفنّي. نظّف حرفياً آذاننا من كلّ الشوائب التي تعلق بها يومياً…

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.