تميم البرغوثي … «جلجامش الملحمة كاملة»

30 مايو 2023

نص خبر- رصد

لعلّ تميم البرغوثي (1977) من أكثر  الشعراء المعروفين من أبناء جيله. ربّما ساعدت جيناته الوراثية في تمهيد الأرض نسبيّاً أمامه نحو ما حققه! فهو ابن الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي والروائية المصرية رضوى عاشور. رغم انطلاقته من برنامج «بيت القصيد» على تلفزيون «أبو ظبي» إلا أنه عرف بقصائده التي تتناول قضايا الأمة الكبرى والمصيرية، وقد لاقت قصيدته «القدس» التي ألقاها في البرنامج الشهير  قبولاً جماهيرياً واسعاً.. فيما يعتبر تحصيله العلمي غريباً بعض الشيء عن شخصية ومزاج الشاعر، إذ حصل تميم على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2004، وعمل أستاذاً مساعداً للعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومحاضراً بجامعة برلين الحرة، كما عمل بقسم الشؤون السياسية بالأمانة العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وبعثة الأمم المتحدة بالسودان.

أما آخر نشاطاته الشعرية فكانت ليلة الأمس وتحت رعاية من وزارة الثقافة اللبنانية، إذ قدّم أمسية في «مسرح المدينة» بعنوان «جلجامش: الملحمة كاملة». وفي استلهامه للنص السومري، يوضح البرغوثي أن: «هذا النص، الذي يُقرأ في ساعتين ونصف الساعة على المسرح، ليس ترجمة حرفية، بل هو إعادة كتابة. فإن يكن قد حافظ على الحوادث كما هي، فإن بناء الشخصيات، والصورة الشعرية واللغة والإيقاعات، بل والمعنى الفكري والأثر العاطفي للنص، كله حديث. وإن كانت الألواح الاثنا عشر المكتشفة في نينوى، تُنسب إلى الكاهن البابلي سين القي أونيني الذي عاش قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة وبضع مئات من السنين، ووقّعها باسمه لأنه جمعها ونظمها، رغم أنّ القصة ذاتها لم تكن من تأليفه، فإنه من الطبيعي أن يُنسب هذا النص لشاعره، فما له فيه أكثر مما لسين القي أونيني في النص الأكدي». ومنذ كتابتها على الألواح الطينية في عهد أسرة أور الثالثة حوالي عام 210 قبل الميلاد، ومروراً بنسخها المتعددة باللغة الأكدية التي اكتُشفت عام 1853 على يد أوستن هنري ليارد، فرضت ملحمة جلجامش نفسها درّة للأدب البابلي وحضارة وادي الرافدين.

ثم غدت الملحمة المترجمة إلى اللغات الحية كافّة، جزءاً لا يتجزّأ من الأدب العالمي والتراث الإنساني. تعدّدت الدراسات العلمية التي تناولتها بالنقد والتحليل، والصياغات الأدبية والفنية التي استلهمتها، ومنها الصياغة الجديدة التي يقوم بها الشاعر تميم البرغوثي في محاولة لكتابة نصّ ملحمي عربي فوق النص الأصيل، ومحاولة لصياغة أول ملحمة شعرية في تاريخ العربية، تختلف عن الترجمات التي أنجزها علماء الآثار الكبار أمثال طه باقر وغيره، وتحاول أن تُضيف لبنة جديدة على التراث الملحمي الشعري العربي الفقير إلا من بعض السير الشعبية، لأسباب عديدة أبرزها صعوبة تكييف البنية الإيقاعية وأحادية القافية لنصوص كبيرة مثل الأوديسة وغيرها، إضافة إلى قلة استلهام الشعراء للجهاز الأسطوري العربي وقلّة الدراسات الجدّية حوله وفيه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.