الطفل يحتاج إلى اللعب مثل حاجته للطعام

 

29 يناير 2023

استشاريان للأطفال بمستشفيات الحمادي يؤكدان:

د.محمد ميسرة:
إعطاء الطفل حرية اختيار لعبته مع التوجيه يساعده على تنمية شخصيته استقلاليتها.

د.ساري دعاس:
الأطفال واسعوا الخيال،ويفضلون اللعب البسيطة ويلعبون بها مدة أطول.

كثيراً مايشكو الآباء والأمهات من شقاوة أطفالهم وميلهم إلى اللعب بشكل يصل إلى حد الإزعاج،كما أن بعضاً من هؤلاء الآباء والأمهات قد يلجأ إلى تعنيف أطفالهم للحد من “الشقاوة” من خلال معاقبتهم بالحرمان من اللعب ظناً منهم أن ذلك لصالح هؤلاء الأطفال في المستقبل،ولكن الحقيقة أن للطب رأياً آخر في هذا الصدد؛فماذا قالا أطباء الأطفال بمستشفيات الحمادي بالرياض،حول ذلك؟.
مراعاة سن الطفل
يذكر الدكتور محمد ميسرة استشاري الأطفال وحديثي الولادة بمستشفيات الحمادي بالرياض، عضو الكلية الملكية الطبية ببريطانيا: أن الذكر والأنثى قد حباهما الله بصفات خاصة ومشتركة تناسب التركيب الجسماني والاستعداد الذهني والنفسي، فمثلاً نجد أن الأطفال الذكور تتصف حركاتهم وألعابهم بالعنف والاعتماد على القوة العضلية كالتسلق ولعب الكرة والركلات وحب اقتناء المسدسات مثلاً، في حين تتمثل الرقة والأمومة المبكرة في الإناث فنجدهن يستمتعن بقضاء ساعات وهن يحملن العرائس الصغيرة مبدين كل رعاية واهتمام، إلا أنه أحياناً وحين ينمو طفل ذكر مع أخواته البنات تتأثر بعض تصرفاته والعكس صحيح، أما عن اللعب والتقليد والغيرة واللجوء للكبار للحماية والأمان وغيرها من الصفات فكلها مشتركة بين الجنسين.
ويستطرد قائلاً: وهنا نجد أنفسنا أمام عدة أسئلة كالعوامل التي يجب مراعاتها عند شراء ألعاب الأطفال وتأثيرها في تنمية القدرات الذهنية ، وإمكانية حدوث تأثيرات سلبية عند توفر ألعاب خاصة بأحد الجنسين على الجنس الآخر، وانطلاقاً من الحقيقة العلمية التي تقر بأن الانسان يولد مكتملاً من الناحية العضوية ولكن يمر بالضرورة خلال مراحل لنمو مقدراته العقلية، نجد أنه من الضروري مراعاة سن الطفل وقدراته واستعداده إلى جانب اعتبارات الجودة والأمان للألعاب، والفائدة التربوية التي تعود على الطفل، مع ضرورة التأكد من عدم وجود أي عنصر يهدد الأمان للأطفال كطلاء الألعاب بمادة سامة كالرصاص أو احتوائها على مادة شديدة الاحتراق ، أما عن الألعاب المشتركة للجنسين فلابأس في ذلك إذ قد يولد ذلك نوعاً من المنافسة الجيدة بينهما، كما أن إعطاء الطفل حرية اختيار لعبته مع التوجيه والإرشاد يساعده على تنمية شخصيته واستقلاليتها ويكسبه ثقة بالنفس.
الألعاب الصعبة
وينبه الدكتور ساري دعاس استشاري الأطفال وحديثي الولادة بمستشفيات الحمادي بالرياض، والمجاز من هيئة البورد العربي، عضو الجمعية الطبية الأمريكية: إن الطفل يحب اللعب لا لأنه شيء سهل بل لأنه شيء صعب وهو يحاول في كل ساعة من ساعات اليوم أن يتدرج إلى الأعمال الأكثر صعوبة وأن يقلد الأطفال الأكبر سناً منه فيما يعملونه، وكثيراً ما تشكو الأم من أن طفلها قد سئم لعبة وتحول عنها إلى الأطباق والأدوات المنزلية يضعها فوق بعضها، والسبب في هذا هو أنه يرى أمه تلعب بهذه الأدوات وليس بلعبه ولذلك فهو يرى فيها متعة أكبر ولعل هذا هو السبب في أن الأطفال يستهويهم العبث بالأدوية والسجائر وغيرها من حاجات الكبار، مشيراً إلى أن معظم الأطفال يفضلون اللعب البسيطة ويلعبون بها مدة أطول، وسبب ذلك ليس بساطة هؤلاء الأطفال ولكن السبب هو أنهم واسعو الخيال وبعض الآباء الذين لا يملكون مالاً كثيراً يشعرون أحياناً بحزن لأنهم لا يستطيعون أن يشتروا لأطفالهم سيارة صغيرة ليركبها طفلهم أو منزلاً بأدواته يلعب به والواقع أن الطفل قد يسر أكثر من صندوق صغير فارغ قد يستعمله كسرير تارة أو يعتبره منزلاً تارة أخرى أو سيارة نقل ولربما مخزناً مرات أخرى وأخرى، كما أنه ليس أمراً ضرورياً شراء اللعب الجميلة الغالية فالأشياء البسيطة تأتي أولاً وقد تكون أمتع كثيراً للطفل، وسيأتي الوقت الذي يطلب فيه الطفل دراجة ونرغب في شرائها له، وصغار الأطفال يحبون عموماً الأشياء ذات الألوان الزاهية التي يستطيعون الإمساك بها بأيديهم أو تصدر عنها أصواتاً مختلفة أو يمضغونها بفمهم كاللعب البلاستيكية وليس هناك خطر من هذه اللعب طالما أن نوعيتها جيدة.
ويهتم هؤلاء الأطفال بوضع شيء داخل آخر ثم يجذبونه على الأرض أو يدفعونه هنا وهناك والواقع أن حب دفع الأشياء يسبق حب جذبها ولعل هذا يفيد في حسن اختيارنا اللعبة الأنسب للطفل الصغير على أن بعض الأطفال يحبون العرائس الرخوة والدمى الصوفية خلال السنوات الأولى من حياتهم بينما يمقتها البعض الآخر تماماً.
وعندما يصل الطفل إلى الثانية من عمره فإن اهتمامه بالتقليد يزداد، فهو يبدأ أولاً بتقليد الأشياء التي يعملها والده ووالدته كالكنس وغسل الأطباق وحلاقة الذقن.. وعندما يكبر أكثر فإنه يميل بخياله إلى الابتكار وهنا تأتي فترة العرائس وسيارات النقل والسيارات الصغيرة والمكعبات الخشبية فهو يضعها فوق بعضها البعض ويتخيلها عمارة كبيرة، ثم يضعها بجوار بعضها ويتخيلها قطاراً طويلاً، وهكذا نجد أن علبة مليئة بهذه المكعبات الخشبية قد تشغله وتمتعه أكثر كثيراً من لعب عديدة أخرى.
تدخلات الكبار
ويستطرد الدكتور ساري دعاس قائلاً: إذا اشترك شخص كبير مع الأطفال أثناء لعبهم فإنه كثيراً ما يشعر بإغراء لكي يجعل لعبهم أكثر تعقيداً؛ فهذه أم أخذت أقلام ابنها الملونة بعد أن صار يلون صوره عشوائياً لتعلمه التلوين على أصوله، وهذا أب تدخل في لعب ابنه بالقطار الجديد وصار يعلمه كيف يربط القضبان ويملاً الزنبرك، وغالباً سيضيق الأطفال بتدخلات الكبار هذه لأنها أعلى من مستوى إدراكهم وسينصرفون عن هذه اللعبة كلية ليصنعوا شيئاً آخر يجدون فيه لذتهم بطريقتهم الخاصة، وطبعاً سيأتي وقت يستطيع فيه هؤلاء الأطفال التصرف جيداً بهذه اللعب المعقدة كل في فترة معينة من فترات نموه ولن يستطيع الكبار أن يتعجلوا ذلك فإذا حاولوا فلن ينجحوا إلا في إشعار الطفل بأنه لا يصلح لهكذا عمل، ولاشك أن الطفل يسعده أن نلعب معه ولكن بطريقته وعلى مستواه الفكري هو، ولذلك يحسن بنا أن نتركه يرينا كيف يكون اللعب بدون مساعدته إلا إذا طلب هو ذلك، وإذا اشترينا له يوماً لعبة شديدة التعقيد فإما نتركه ميستعملها بالطريقة التي تحلو له حتى ولو حطمها (وهي غالباً طريقة خاطئة)، وإما أن نخفيها حتى يكبر في السن ويدرك ماهي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.