هل يستطيع الذكاء الاصطناعي رسم ملامح مستقبلك؟

ما إمكانية معرفة كيف سيكون مستقبلك؟ بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، أصبح هذا ممكناً بشكل افتراضي. حيث قام باحثون من معهد “ماساتشوستسللتكنولوجيا MIT وجهات أخرى، بتطوير نظام يتيح للمستخدمين إجراء محادثة نصية عبر الإنترنت مع نسخة افتراضية مولّدة بالذكاء الاصطناعي، تمثل صورتهم المستقبلية المحتملة.

“نص خبر” ـ متابعة 

يُطلق على هذا النظام اسم “مستقبلك”، وهو مصمم لدعم الشباب في تعزيز فهمهم لمفهوم “الاستمرارية الذاتية المستقبلية”، وهو مصطلح نفسي يشير إلى مدى ارتباط الفرد بذاته في المستقبل. تُظهر الدراسات أن تقوية هذا الشعور قد تؤثر إيجابياً على اتخاذ القرارات طويلة المدى، مثل الإدخار المالي أو تحقيق النجاح الأكاديمي.

يعتمد نظام “مستقبلك” على نموذج لغوي متقدّم يستفيد من المعلومات التي يقدمها المستخدم لإنشاء نسخة افتراضية له في سن الستين. هذه النسخة الافتراضية يمكنها الإجابة عن أسئلة حول ما قد يكون عليه مستقبل الشخص، بالإضافة إلى تقديم نصائح وتوجيهات حول المسارات المحتملة التي يمكن أن يسلكها.

في دراسة أولية، تبين أن المستخدمين الذين تفاعلوا مع “مستقبلك” لمدة حوالى نصف ساعة شعروا بتراجع القلق وزيادة ارتباطهم بذواتهم المستقبلية.

ويوضح أحد الباحثين، أن الذكاء الاصطناعي قد يعمل كبديل افتراضي لآلة الزمن، حيث يتيح للأفراد التفكير في تأثير قراراتهم الحالية على حياتهم المستقبلية.
وتمّ تقديم هذه الأبحاث في مؤتمر حول التعليم، وتضمنت مساهمات من خبراء في مجالات متعددة، حيث يعمل الفريق على تطوير النظام ليصبح أداة أكثر فعالية في مساعدة الأفراد على استكشاف قراراتهم المستقبلية.

محاكاة الواقعية
بدأت الدراسات المتعلقة بتصور الذات المستقبلية في ستينات القرن الماضي، حيث كانت إحدى الطرق الأولى تعتمد على كتابة رسائل إلى الذات المستقبلية بهدف تعزيز الشعور بالاستمرارية الذاتية. ومع تطور التكنولوجيا، تمّ استخدام تقنيات مثل نظّارات الواقع الافتراضي، لتمكين الأفراد من رؤية نسخ مستقبلية من أنفسهم.
ومع ذلك، كانت هذه الأساليب تفتقر إلى التفاعل المباشر، ما قلّل من فعاليتها المحتملة. ولكن مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة مثل “شات جي بي تي”، ظهرت فرصة لتطوير نسخة افتراضية مستقبلية يمكنها التفاعل مع الأشخاص ومناقشة تطلعاتهم وأهدافهم الشخصية بشكل أكثر عمقاً.

النظام الجديد يعتمد على جمع معلومات من المستخدم حول حياته الحالية وأهدافه، ومن ثم يستخدم هذه البيانات لإنشاء ما يُعرف بـ”ذكريات المستقبل”، والتي تضفي على المحادثة طابعاً واقعياً. هذه النسخة الافتراضية يمكنها الإجابة عن أسئلة متعلقة بتحدّيات المستقبل وكيفية التعامل معها، بناءً على مجموعة من التجارب الحياتية المدمجة في النظام.
في هذا السياق، يتمّ التفاعل مع النظام بشكل يدمج بين التأمل الذاتي والتفكير في المستقبل، حيث يقارن المستخدم أهدافه الحالية بما يعكسه الحوار الافتراضي.

تأثير النظام على تطوير الذات
أظهرت الدراسة أن المستخدمين الذين تفاعلوا مع النظام تمكنوا من تعزيز علاقتهم مع ذواتهم المستقبلية، ما أسهم في تقليل مشاعر القلق المتعلقة بالمستقبل. كما شعروا بأن المحادثة كانت واقعية، وأن النسخة الافتراضية عبّرت عن قيمهم الشخصية ومعتقداتهم بشكل يعزز من الشعور بالترابط.

يهدف النظام إلى مساعدة المستخدمين في استكشاف مسارات حياتهم المهنية، بالإضافة إلى التفكير في تأثير قراراتهم الحالية على قضايا عالمية مثل التغيّر المناخي. ويتمّ تطوير النظام باستمرار لتضمين تدابير أمان تهدف إلى منع سوء الاستخدام، وضمان أن يتمّ استخدامه كأداة للنمو الشخصي والتطوير الذاتي بدلاً من الاعتماد عليه للتنبؤ المستقبلي.
في نهاية الأمر، يأمل الفريق أن يسهم هذا النظام في تمكين الأفراد من رؤية أنفسهم بطريقة جديدة، وتحفيزهم على اتخاذ قرارات تسهم في تطورهم الشخصي.

قد يعجبك ايضا