الأربعاء 10 مايو 2023
بيروت- إيمان إبراهيم
عندما هجم علينا وباء كورونا، لم يتأخر صنّاع السينما والدراما في تقديم أعمال مستوحاة من أدب نهاية العالم، ولأنّ الجائحة طال أمدها سنتين ونصف قبل أن تبدأ الحياة باستعادة إيقاعها الطبيعي، كانت صنّاع الأعمال قد أنجزوا أقلّه موسمين من بعض الأعمال.
هذه المسلسلات حظيت بنسب مشاهدة مرتفعة جداً، إذ رأى المشاهدون أنفسهم في قصص تتحدّث عن نهاية عالم ظنّوا أنّها باتت قريبة، اليوم مع انحسار الجائحة أين أصبحت الأجزاء المنتظرة، وهل ستحظى بنفس نسب المشاهدة؟
Sweet Tooth
انطلق عرض الموسم الثاني من المسلسل الأميركي Sweet touth قبل أيام، في استكمال للقصّة التي عرضت في منتصف العام 2021، حين كان وباء كورونا يفتك بالكرة الأرضية.
يومها حقّق المسلسل نجاحاً كبيراً، ولم يتوقّع أن يتأخر عرض موسمه الثاني سنتين، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل، على ماذا راهن صنّاع العمل، ولماذا لم يستغلوا حماس المشاهدين يومها إلى الأعمال المستوحاة من أدب نهاية العالم.
يدور المسلسل في أجواء جائحة هي الأقوى بعد الطاعون قضت على 98 بالمئة من سكان العالم.
تبدأ الأحداث بعد عشر سنوات على وقوع الجائحة، وعجز الطب عن إيجاد علاج أو لقاح للفيروس الذي قضى على البشر، وعلى كل مظاهر الحضارة. ومع انتشار الفيروس يولد أطفال هجينون، هم مزيج بين أطفال وحيوانات، يملكون كل مقوّمات السّلوك البشري لكنّ أشكالهم هجينة، يربط الناس بين ولادتهم وانتشار الفيروس، بينما يرى البعض الآخر أنّهم نتاج الفيروس وليس مسبباً له.
من خلال الطفل غاس، الهجين ذو القرنين الذي يسعى إلى البحث عن جذوره والهرب من مصير قاتم، تدور أحداث مشوقة، ينتهي الموسم الأول بأسر الطفل مع مجموعة من الأطفال الهجينين، ويبدأ الموسم الثاني بمحاولة إنقاذ غاس وأصدقائه وإيجاد علاج للفيروس.
رغم أنّ العالم ملّ أخبار الأوبئة واللقاحات، إلا أنّه لا يزال في المسلسل ما يسحر، قصّة الأطفال الأبرياء الذين يدفعون ثمن ذنب لم يتركبوه، وقصّة عالم فقد كل مظاهر الإنسانية، وقصّتنا نحن لو استمرّ أمد كورونا بمتحوراتها القاتلة سنوات طويلة كنا سنلقى حتماً مصيراً مشابهاً.
المسلسل حقّق نسب مشاهدة مرتفعة، إلا أنّها لا تقارن بالضجّة التي أحدثها المسلسل في موسمه الأوّل، يوم كان العالم يقبع تحت حجر صحّي ولا يجد مصدر تسلية سوى شاشة التلفزيون.
Into the night
مسلسل بلجيكي عرض منه “نتفليكس” موسمين في زمن كورونا حظيا بالنجاح.
تدور أحداث المسلسل حول نهاية العالم، عندما يتحوّل نور الشمس فيروساً يقضي على البشر، والحل يكون دوماً في الاتجاه غرباً عبر طائرة تعبر فوق السّحاب، هرباً من أشعّة الشمس، يهبط ركّابها ليلاً، يملأون الوقود، ثم يعاودون الهروب إلى الغرب حيث ثمّة ملاذ آمن.
وينتهي الموسم الثاني بمشهد هو نفسه المشهد الذي ينتهي فيه الموسم الأوّل من مسلسل yakamoz s-245 التركي للنجم كيفانش تاتليتوغ، في أوّل فكرة من نوعها في عالم الدراما، حيث يتقاطع مسلسلان ليكملا في موسم جديد مشترك.
yakamoz s-245
إذاً شاهدت الموسم الثاني من المسلسل البلجيكي Into The Night ، ثم شاهدت المسلسل التركي yakamoz s-245 ، ستكتشف أنّ المشهد الأخير في المسلسل الأوّل، هو نفسه المشهد الأخير في المسلسل الثاني، وأنّ تشابه أحداث المسلسلين ليس صدفة، ولا اقتباساً ولا استنساخاً، بل مقدّمة للانطلاق من عملين، ثم دمجهما في عملٍ واحد، في فكرة عبقرية لم يسبق لصنّاع الدراما أن أنجزوها من قبل.
في المسلسل التركي يكون الحل بالهرب عبر غواصة في قعر المحيط للهروب من أشعة الشمس القاتلة، والعودة إلى سطح البحر عندما يهبط الظلام.
المسلسل التركي الذي عرض قبل سنة، لم ينجح في أن يكون من ضمن الأعمال الأكثر مشاهدة، لم تكن فكرة استهلاك أعمال نهاية العالم مستحبة، في فترة كان العالم فيها يهم بخلع الكمامات وينطلق نحو مرحلة يرجو فيها أن تكون الجائحة قد أصبحت من الماضي، لا يطيق الحديث عنها، ولا مشاهدة أعمال تذكره أنّه عايش بدوره حقبة سوداء استمرت عامين، كان يهرب فيها من المجهول إلى المجهول ولا يعرف أي مصير ينتظره.
بانتظار عرض الموسم الثاني حين يندمج المسلسلان ويصبح عامل الفضول الأوّل كيف سيكمل الفريق البلجيكي مع التركي مسلسلاَ بدأ قبل أعوام تغيّر فيها العالم؟
The Barrier
هو مسلسل صوّر قبل جائحة كورونا، إلا أنّه عرض في نهاية عام 2020 عندما كان العالم يعيش تجربة البحث عن لقاحات لفيروس كورونا، فلامس أحاسيس المشاهدين، وبدا وكأنه يقرأ المستقبل، ويتوقّع نهايات مأساوية.
تقع أحداث المسلسل في العام 2045 بعد الحرب العالمية الثالثة، حين يجتاح إسبانيا وباءٌ قاتلٌ. عُرض المسلسل قبل إطلاق لقاحات كورونا، كان يومها لا يزال الحديث عن تجارب اللقاحات في خريف 2020. في المسلسل، ثمّة جانب يلقي الضوء كيف تجرّب شركات الأدوية لقاحاتها، ومن هي الفئات الأضعف التي تكون أشبه بفئران تجارب.
في المسلسل نشاهد إسبانيا بعد الحرب العالمية، تتعامل مع شعبين يفصل بينهما جدار. الأغنياء الذين يعيشون حياةً مرفّهة لا ينغّص عليهم سوى هجوم الوباء، والفقراء الذين لا يملكون تحصيل قوت يومهم، يعيشون في عالم تسوده الديكتاتورية، محرومون من أبسط مقوّمات الحياة. وفي خضم هذه المأساة، يتمّ استغلال أطفالهم كفئران تجارب.
عالم يشبه المستقبل القاتم ما إذا صحّت التوقعات بحرب عالمية ثالثة.
المسلسل حقّق نسب مشاهدة مرتفعة جداً وإشادة من قبل النقاد حول العالم، بانتظار موسم جديد منه، لا يعرف ما إذا كان سيحقق النجاح نفسه في عصر ما بعد الجائحة.