لا فُزت.. ولا هي أمطرت

 18 سبتمبر 2023

بيروت-رولا عبدالله 

في سباق الغيمة هذا الصباح، لا أنا فزت، ولا هي أمطرت .

كلانا خذلنا الوقت، صفرا بالتساوي. وكمن يحاذر، أو يهادن، رجوت الغيمة أن اصمدي في آخر الأفق، ما زلت أبحث عنها بين ظلالك والصخور، أتقنها غواية أرسم ملامحها في مقلة الأرض وفي حدقة الحكاية، كصنّارة خارج العُرف الشتوي تقضم سمكة شاردة وطعماً اسبانيوليا، كخيط يغمز وصوت يعلو: لربما هي هناك عالقة في الضوء الغريق، يمناها في وجه السماء ووجهها عكس الريح مأسورا بصنارة وبغمازتين وبعقدة بين الحاجبين، لكنّها لم تكن هناك.

وأجول في انعكاس الظلال على الرمال، وفي وشوشة  تطفو على صفحة الماء، وفي طالع قوافل العابرين، وفي وصايا الطير، وفي هدير الأعماق، وفي انكسار الصوت على قارعة الصخر، وفي انتظار الموج، وفي هديل حياة ينسحب من شاهق العمر إلى رمال الشاطئ إلى امرأة تشبهها، قد تكون هي، لكن ما من مؤكد.

وأبحث عنها في عرض البحر الملوّن، تبتسم للسفن المقبلة من البعيد. تغرف كومة شوق تنثرها فوق الأزرق المسحور بفعل جنيّة الماء. تحرك خيوط الشمس، تشقلبها، تجدلها ومثل طائرة من ورق تتعقب انسحابها من خط الرؤية رويدا رويدا إلى حيث الريح والسفن تأخذها، وتحط بها في غير ميناء وفي غير أرض .

وبقلب مشتاق أسرح على الرمال الحافية بحثا عن خطى، قد تكون خطاها، وعن جزء من عمر خبّأناه عن عيون البحر ومرآة اليابسة، وكحّلناه بمناطق موسومة بعبارة: “سري للغاية”. و”كانتونات” محسوبة علينا مدموغة بـ”قلب أحمر ” وبحر مالح، ويابسة ليست أقل ملوحة، وظلال بقينا نلاحقها كأنها قدرنا المحتوم، والسمكة ما زالت تخفق بالفرصة الأخيرة، وظلها ما زال بعيدا، وظل الغيمة يبهت، وظلي يلحق بي وبها، ويلهث.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.