17 سبتمبر 2023
فاطمة الصباح – كاتبة سعودية
العطاء زهرة يَفُوح شذاها، ويُعطِّر أيادي أصحابها، ويلتصق بها طويلًا بلا انتهاء. هكذا كان ٥ سبتمبر هو اليوم العالمي للعمل الخيري. ففي هذا اليوم تم تدشين مبادرة تحقيق أمنية لمرضى السرطان (فئة الأطفال)، وهي مبادرة تقوم على تنفيذها مؤسسة الديوانية التطوعية الوقفية في كافة أنحاء المملكة بواسطة ممثلين ونواب ومتطوعين،ويشاركهم هذا العطاء شركاء النجاح من الجهات ذات الاختصاص.
إنها مبادرة إنسانية تَخِيطُ بتفاصيلها الحُب والسعادة ورسم الابتسامة على شفاه الأطفال وأولياء أمورهم، وتروي بداخلهم شعور الانتماء للمجتمع. لقد تم تدشين المبادرة وتعزيز الإنسانية في كافة أنحاء المملكة. قصتنا هي:
تَدْرُس في المرحلة الثانوية، يملؤها الخجل،وتبدو عيناها عسليَّتين، وفي الوقت نفسه تحكي أمنيات عديدة. اسمها كعبير الزهور برونقه وعطره الآسر، ابتسامتها في نعومة الحياة وطيب العيش.
التقيناها ضمن مجموعة الأطفال في مقهى لنتحاور معًا ونتبادل الحديث برفقة والدتها وفنجان قهوة، لنكتشف أنها قارئة بارعة تعشق الكِتَاب،ويعزز ذلك العشق حديث والدتها:(هي لا تخرج إلى مكان ما إلا ورفيقها كان كتابًا).
كان الحديث معها بنعومة حضورها،وتركنا لها مساحة للتجول في مكتبة المقهى والنظر إلى ما تحتويه أرفف المقهى من كُتُب. لم تقاوم شغفها بالقراءة فاحتضنَتْ كتابًا وسافرَتْ بين صفحاته تستنشق من هواء صفحاته أكسجين الحياة. ودَّعناها في ذلك اليوم، وفي بُقْشَة الأمنيات رتَّبنا لتحقيق أمنيتها في يوم التدشين.
وجاء ٥ سبتمبر.. تجمَّعنا واحتفلنا بجميع الأطفال المصابين وأولياء الأمور وبعض الحضور؛ بتوزيع الأمنيات مُغلَّفةً بالحُب والسعادة والرضا،وفي سماء ذلك المقهى كان مطرٌ ينهمر يُبلل كل شعور،يُطهر القلوب، يُرسل إشارات السعادة والابتسامة على شفاه الحاضرين.
وجاءت لتتسلَّم أمنيتها..رأيتُ في عينيها بريق سرور يختلط بدموع سعادة،حتى كادت أن تشاركها عينايَ ذلك الشعور، وبلا شعور امتدت يدايَ نحوها أحتضن كل شعور منها.
كانت أمنيتها مجلد ألف ليلة وليلة، وتم تحقيق أمنيتها من شخص التصق بيديه خِضاب العطاء وجهاز آيباد،ومن المقهى ذلك الكتاب الذي كانت تستنشق منه عطر الحروف.
أَجزم أن تلك العطاءات قد أَغْنَت أصحابها في متاعهم الدائم الذي ما إن نقص حتى تسارعوا إلى البحث عنه وتجديده.
العطاء له أشكال عديدة،ولا يقتصر على المال فقط.
فابحث عن أشكال العطاء وستجد ما لا تستطيع جمعه.
وأقلُّها أن تبتسم في وجه مَن تقابله.
وقفة:
نحن جميعنا فقراء وإن ملكنا مال قارون.
فما هو ثمن دُعاء مَن يحتاج العطاء؟!
هل تستطيع أن تجيب على هذا السؤال؟!.