تلوُّث الهواء وعلاقته بأمراض الرئة

د.عبير بنت محمد حمادة راوي

18 ديسمبر 2022

إحصائيات منظمة الصحة العالمية حول تلوث الهواء:
أولاً:في عام 2019،كانت نسبة 99 في المائة من سكان العالم تعيش في أماكن لم تكن تفي بالمستويات المحددة في المبادئ التوجيهية الصادرة عن المنظمة بشأن نوعية الهواء،كما تشير التقديرات إلى أن تلوث الهواء المحيط (الهواء الخارجي) في المدن والمناطق الريفية على السواء قد أحدث نحو 4.2 ملايين وفاة مبكّرة في العالم في عام 2016،ومن الجدير بالذكر انه وقعت نحو 91 في المائة من هذه الوفيات المبكرة في البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل،وتركَّز أكبر عدد منها في إقليمي المنظمة لجنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ.
ولذلك كان من واجبنا إلقاء الضوء على أهمية نظافة الهواء الذي نستنشقه،ولنبدأ معا في سرد ماهي الجزيئات الضارة بالهواء والتي تسبب بطريقة مباشرة أوغير مباشرة أمراض بالرئة.
ما هي المكونات الرئيسية لتلوث الهواء في البلدان المتقدمة؟
1-ثاني أكسيد النتروجين (بسبب احتراق الوقود الأحفوري،مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي).
2- الأوزون(بسبب تأثير أشعة الشمس في ثاني أكسيد النتروجين والهيدروكربونات).
3-الجزيئات الصلبة أو السائلة المُعلَّقة.
وما المكونات الرئيسية لتلوث الهواء في البلدان النامية؟
1-إنَّ حرق وقود الكُتلَة البَيولُوجِيَّة(مثل الأخشاب ومخلفات الحيوانات والمحاصيل) هُوَ مصدر مهم للمادة الهبابية في الأماكن المغلقة في البلدان النامية.
2-كما يُعدُّ التدخين السلبي من المصادر المهمة لتلوث الهواء في الأماكن المغلقة أيضًاً.
وما الأمراض المترتبة على استنشاق الهواء المحمل بهذه الجزيئات؟
_يمكن أن تسبب المستويات المرتفعة من تلوث الهواء نوبات تهيج ( exacerbations) عند مرضى الربو أوالداء الرئوي الانسدادي المزمن(COPD)، كما تزيد أمراض الرئة المرتبطة بتلوث الهواء من خطر اضطرابات القلب والأوعية الدموية أيضاً،وقد تزيد من خطر سرطان الرئة.
وتُؤدي معظم ملوثات الهواء إلى انقباض في عضلات المَسالِك الهَوائيَّة وتضيُّقٍ في مجرى الهواء(فرط تفاعلية مجرى الهواءbronchial hyperreactivity).
وقد يزيد التعرض إلى تلوث الهواء على المدى الطويل عند مختلف الشرائح البشرية وخُصوصاً الأطفال،من العدوى التنفسية وأعراض الاضطرابات التنفسية(مثل السعال وصعوبة التنفُّس)،كما يُضعف وظائف الرئة،كما يُعدُّ الأوزون وهو المكون الرئيسي للضباب الدخاني، مهيجاً قوياً للرئة، والتي تميل مستوياته إلى أن تكون مرتفعةً في فصل الصيف بالمقارنة مع الفصول الأخرى وإلى أن تكون مرتفعة أكثر نسبياً في وقت متأخر من الصباح وبداية فترة الظهيرة بالمقارنة مع أوقات أخرى من النهار،كما يمكن أن يؤدي التعرض على المدى القصير إلى صعوبات في التنفُّس وألم في الصدر وفرط في تفاعلية مجرى الهواء،ومن الملاحظ ان الأطفال أكثر ميلاً للإصابة بالربو عند التعرض للهواء الملوث بالاوزون،وأخيراً يسبب التعرض الطويل للأوزون ضعفاً بسيطًا ودائمًا في وظائف الرئة،ويُمكن أن يُؤدِّي حرق الوقود الأحفوري  الذي يحتوي على مستويات مرتفعة من الكبريت إلى تشكُّل جزيئات حمضية تترسب بسهولة في مجرى الهواء العلوي؛ هذه الجسيمات تسمى أكسيدات الكبريت،والتي تتسبب في إلتهاب وانقباض المَسالِك الهَوائيَّة،ممَّا يسبِّب أعراضاً مثل صعوبة التنفُّس، وتزيد من خطر الإصابة بالتهاب القصبات المزمن (التهاب القصبات الهوائية أو المسالك الهوائية الكبيرة).
*إن تلوث الهواء الحُبَيبي الناجم عن حرق الوقود الأحفوري(خُصوصاً الديزل)،هو مزيج معقد يُمكن أن تؤدي الجزيئات إلى التهاب المسالك الهوائية أويمكن أن تؤثِّر في أجزاء أخرى من الجسم، مثل القلب،وتشير البيانات الواردة من بعض الدراسات إلى أنَّ تلوث الهواء الحُبَيبي يزيد معدلات الوفيات من جميع الأسباب،
لاسيما اضطرابات القلب والرئة،كما تُؤثِّرُ الجزيئات النانوية في الرئة بشكلٍ مختلفٍ استناداً إلى المواد المصنوعة منها،كما قد يكون لجزيئات نفس المادة تأثيرات مختلفة أيضًاً وذلك استناداً إلى حجمها وشكلها؛وتُنتِج صناعة النانو جزيئات متناهية الصغر لمواد مختلفة،مثل الكربون،ولاستخدامات مختلفة،يكون حجم جزيئات النانو والجزيئات المتناهية الصغر اثرا اشد في أمراض الرئة،وقد أثبتت الاختبارات على الحيوانات،وكذلك الفحوصات المخبرية أن التراكيز العالية من الجزيئات النانوية أوالجزيئات متناهية الصغر يمكن أن تسبب تراكم للسائل حول الرئتين أوضرر في المسالك الهوائية الصغيرة عند بعض العمال الذين تعرضوا عن طريق الخطأ إلى كمياتٍ كبيرةٍ جداً من الجزيئات النانوية،ولكن
لايعلم الأطباء بشكل مؤكَّد التأثيرات التي تحدث في العاملين في مجال صناعة تكنولوجيا النانو والتي تنجم عن كميات وأنواع الجزيئات النانوية التي يتعرضون إليها.وتجري دراسات لتقييم المخاطر وضمان وقاية العاملين في هذا المجال.
وتختلف مستويات الملوثات في الهواء استناداً إلى الموقع والظروف البيئية،ويجري استخدام مؤشر جودة الهواء Air Quality Index للإبلاغ عن مدى تلوث الهواء في فترة زمنية معينة. كما يستطيع المرضى وخصوصاً الذين يُعانون من اضطرابات في القلب أو الرئة،استخدام مؤشر جودة الهواء لتوجيه اختيارهم للنشاطات في الهواء الطلق،بحيث يتجنبون فعل هذا في الأيام التي تكون فيها مستويات التلوث مرتفعة.
التشخيص:
يتم التشخيص باخذ التاريخ المرضي الكامل وتحديد ظهور الأعراض من تاريخ التعرُّض كما يتم تحديد مدى تأثر الرئة بعمل اختبار وظائف الرئة
كما يتم السؤال عن أي اضطرابات سابقة في الرئة مثل:الربو والداء الرئوي الانسدادي المزمن COPD، والسؤال عن ما إذا كانت الأعراض لديهم تتفاقم عند التعرض إلى تلوث الهواء أو تغيرات في بيئة العمل.
وذلك لأنه غالبا لاتساعد الاختبارات على التفريق بين الأمراض المرتبطة بتلوث الهواء واضطرابات أخرى في الرئة،وقد يصبح التَّشخيص واضحًا إذا أُصيب العديد من العاملين في نفس المهنة ومع تعرض مماثل بنفس الاضطراب بالرئة،بما في ذلك بعد التعرض المفاجئ والكبير جدًّا.
الوِقاية:
ينبغي على العمال الذين يتعرضون إلى الهواء الملوث الامتثال للتوصيات الصادرة عن الوكالات الحكومية الرئيسية التي تحد من التعرض للغازات المحمولة بالهواء والغبار والأدخنة، وينبغي على الأطفال وكبار السن ومرضى الربو ومرضى الداء الرئوي الانسدادي المزمن وغير ذلك من اضطرابات الرئة،أن يتجنبوا ممارسة التمارين في الهواء الطلق عندما يحتوي الهواء على مستوياتٍ مرتفعةٍ من الملوثات.
المُعالَجة:
مُعالجة الأَعرَاض
تعطى المُعالجَات لتخفيف الأَعرَاض،فعلى سبيل المثال، قد تُخفِّفُ الأدوية التي تستخدم لعلاج الربو(مثل موسعات الشعب الهوائية التي تفتح المَسالِك الهَوائيَّة)،بعض الأَعرَاض،وإذا كانت الأعراض شديدةً،قد يحتاجُ المرضى إلى الأوكسجين المكمِّل مثل جهاز مكثف الهواء،وتشكل معالجة جميع عوامل الخطر فيما يخص الأمراض غير السارية –بما في ذلك تلوث الهواء– عنصراً أساسياً في حماية الصحة العامة،ولاسيطرة للأفراد على معظم مصادر تلوث الهواء الخارجي، ويستلزم الحد منها اتخاذ إجراءات متضافرة من راسمي السياسات على المستويات المحلية والدولية والإقليمية في بعض القطاعات،مثل النقل وإدارة نفايات الطاقة والتخطيط الحضري والزراعة.
=============
المراجع
منظمة الصحة العالمية
Abigail R. Lara, MD, University of Colorado
_______
استشاري الأمراض الصدرية
بمستشفيات الحمادي بالرياض