11 ديسمبر 2023
صحافة العالم – اليابان بالعربي
كتب موقع البابان بالعربي تقريراً موسعاً حول علاقة اليابانيين بحرب غزة وما يحدث فيها، ونقلت وجهة نظر البلاد للناطقين بالعربية، حيث كتبت:
صادف يوم الثامن من شهر ديسمبر مرور شهرين على بدء الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة. حيث استمرت الغارات الجوية الإسرائيلية بلا هوادة، وعلى الرغم من وقف القتال لمدة سبعة أيام في أواخر شهر نوفمبر، فقد تجاوز عدد الضحايا في الجانب الفلسطيني أكثر من 15 ألف شخص. وتواصل العديد من الدول، بما فيها اليابان، بذل الجهود الدبلوماسية من أجل وقف إطلاق النار في هذا الصراع الكبير الذي لم يسبق له مثيل في السنوات الأخيرة، والذي يتم تشبيهه بـ ”اجتياح لبنان“ في عام 1982. ولكن على عكس مثل هذه التحركات التي تقوم بها اليابان، فإن هناك انتقادات موجهة لليابان أيضًا في الدول العربية، وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي.
”لن أشتري منتجات يابانية مرة أخرى“ و”لقد وافقت اليابان على قتل إخواننا الفلسطينيين“. كانت هذه بعض المنشورات التي بدأت في الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي منذ منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول، والتي يقوم من خلالها العرب والمسلمون بتوجيه الانتقاد لليابان. وفي العاصمة الإيرانية طهران، وقعت حادثة إلقاء طلاء أحمر على جدران السفارة اليابانية، ويُعتقد أن هذه الحادثة مرتبطة بتلك السلسلة من الانتقادات الموجهة لليابان. ويبدو أن هذه الانتقادات الموجهة لليابان فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية كانت مفاجئة لليابانيين، ولكن يبدو أن السبب وراءها يعود إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الصادر في السادس عشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول.
حيث عارضت اليابان، إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، مشروع القرار الذي اقترحته روسيا، والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة. ونتيجة لذلك، لم يمرر القرار في نهاية المطاف. ويعود السبب وراء معارضته إلى أن ”مشروع القرار هذا لا يشير إلى حماس، التي هاجمت إسرائيل، بالاسم ولا ينتقدها“، ولكن الفلسطينيين وغيرهم من العرب نظروا إلى ذلك باعتباره ”معارضة لوقف إطلاق النار“، الأمر الذي أدى إلى ردة فعل عكسية. وقد دافعت بعض المنشورات عن اليابان قائلة ”لقد قامت اليابان بتقديم مساعدات مالية كبيرة لغزة“، لكن كان هناك الكثير من الردود على هذه المنشورات في التعليقات تقول ”لسنا بحاجة إلى مساعدة اليابان“ و”قاطعوا المنتجات اليابانية“. وذهب بعضهم إلى أكثر من ذلك قائلًا ”العار على اليابان“.
وعلى الرغم من عدم وجود مقاطعة فعلية للسيارات أو الأجهزة المنزلية اليابانية الصنع، إلا أن هناك تحركات في دول الشرق الأوسط لإزالة منتجات الشركات الغربية التي تدعم إسرائيل من رفوف المتاجر. حيث اختفت المشروبات الأوروبية والأمريكية وغيرها من المنتجات من بعض المتاجر. وفي العاصمة المصرية القاهرة، شهدت مطاعم ”كنتاكي فرايد تشيكن“ و”ماكدونالدز“ المملوكة لشركات من الولايات المتحدة انخفاضًا حادًا في عدد الزبائن بسبب المقاطعة الشعبية التي تزيد يومًا بعد يوم.
وتقول السيدة لبنى (53 عامًا) التي تعيش في القاهرة إنها توقفت عن شراء مشروبات البيبسي والكولا وغيرها من المشروبات ذات الصلة بالولايات المتحدة بعد بدء الحرب في شهر أكتوبر. وتشرح ذلك في المقابلة التي تم إجراؤها معها قائلة ”نحن نشتري المشروبات المصرية فقط. لأننا عندما نشتري المنتجات الأمريكية، فإن هذه الأموال تذهب إلى الولايات المتحدة، والأسلحة الأمريكية تذهب إلى إسرائيل. فإذا قمنا بشراء منتجات أمريكية فسنكون قد شاركنا في قتل الفلسطينيين“.
التمرد ضد اتباع الولايات المتحدة
إن ما يؤذي المشاعر العربية هو موقف اليابان الذي يُقال إنه ”اتباع للولايات المتحدة“. فعلى وسائل التواصل الاجتماعي، تم انتقاد التصويت السلبي لليابان باعتباره ”مجرد اتباع للولايات المتحدة“، وهناك أيضًا منشورات تربط هذا الموقف بقصف الولايات المتحدة لليابان بالقنابل النووية قائلة ”هل نسيت اليابان هيروشيما وناغاساكي؟“.
وفي الواقع، هذا الرأي شائع بين الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة. حيث يقول السيد خليل حسنين (55 عامًا)، الذي لجأ إلى مدينة رفح الجنوبية، في مقابلة هاتفية معه ساخطًا ”لقد كنت أعتقد أن اليابان تقف إلى جانبنا. ومعارضتها لمشروع قرار وقف إطلاق النار تعني أنها متواطئة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل“.
إن الوضع في غزة خطير للغاية. ووفقا للسيد خليل فإن الكثير من المنازل تم تدميرها بالكامل، والصواريخ تنهمر على القطاع يوميًا من الجو والبحر. حيث يقول ”لا نعرف إلى أين نهرب. ليس هناك احترام لكرامة الإنسان، ولا يوجد لدينا ماء، أو طعام، ولا حتى الضروريات الأساسية للحياة. ومعظم الضحايا من النساء والأطفال. ويستمر القصف الجوي في كل دقيقة وكل ثانية“. ويضيف أنه ليس من الممكن إخراج الجثث المدفونة تحت الأنقاض أيضًا.
لقد قمت بشرح سبب قيام اليابان بمعارضة مشروع القرار له، لكنه قال ”إن كان الأمر كذلك، فلماذا لا تأخذ اليابان زمام المبادرة وتتقدم بمشروع قرار جديد لوقف إطلاق النار؟ وعلى أية حال، نريد منها أن تجعل إسرائيل تتوقف عن قتل الفلسطينيين. ألا تربط اليابان وفلسطين علاقة صداقة؟“. وقد جاء السيد خليل إلى اليابان ضمن برنامج الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا)، وكانت لديه علاقة قوية باليابانيين. لقد كانت صرخاته مؤلمة جدا. حيث اشتكى قائًلا ”لا نحتاج إلى المساعدات. فقط أوقفوا هذه الحرب. نريد فقط العودة إلى منازلنا والعيش بسلام“.
حب اليابان
في الشرق الأوسط، هناك شعور قوي بالاحترام للشركات اليابانية والتكنولوجيا اليابانية التي دعمت تنمية المنطقة، وهناك مشاعر قوية مؤيدة لليابان. وفي المدارس، هناك دروس حول القصف النووي على هيروشيما وناغاساكي، وهناك الكثير من الأشخاص الذين يتعاطفون مع الألم الذي عانت منه اليابان. وهم يُكِنُّون مشاعر الاحترام والإعجاب تجاه اليابان التي حققت تنمية اقتصادية بارزة بعد الحرب العالمية الثانية على الرغم من قصفها بالقنابل النووية.
ومن ناحية أخرى، فإن المشاعر تجاه الولايات المتحدة ليست جيدة إلى هذا الحد. فعلى الرغم من الإطاحة بنظام صدام حسين خلال حرب العراق، فقد قُتل العديد من المدنيين العراقيين على يد الجيش الأمريكي، ووقعت حوادث تعذيب للجنود العراقيين في سجن أبو غريب. ولا يزال يُشار إلى تلك الحرب في المنطقة باسم ”حرب العدوان الأمريكية“. كما أن الذكريات المريرة بالنسبة للعرب، مثل التمييز ضد المسلمين في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، لن تختفي أبدًا. ولهذا السبب فإن هناك مشاعر قوية تتساءل ”لماذا تتبع اليابان دولة مثل الولايات المتحدة؟“.
انتقادات ”مخيبة للآمال“ بالنسبة لليابانيين
هناك العديد من اليابانيين الذين يشعرون أن مثل هذه الانتقادات ”مخيبة للآمال“. فهناك الكثير من الناس في اليابان يشعرون بالحزن بسبب الغارات الجوية المستمرة على قطاع غزة، ولا أعتقد أن أي شخص، سواء كان مؤيدًا لإسرائيل أو مؤيدًا للفلسطينيين، يعارض وقف إطلاق النار نفسه. وقد خرجت مظاهرات تطالب بوقف إطلاق النار في جميع أنحاء اليابان، حيث حمل الناس لافتات وأعلام فلسطينية وهم يهتفون ”لا تقتلوا الناس“.
وتقوم الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا)، والمنظمات غير الربحية اليابانية بتقديم الدعم الشعبي لفلسطين منذ سنوات عديدة. ومجالات الدعم واسعة النطاق، بما في ذلك الطب وتحسين معيشة الناس والتعليم. ويدرس بعض الفلسطينيين في اليابان من خلال برامج الدعم اليابانية. وهناك أيضًا حدائق في غزة تم تطويرها بمساعدة يابانية. وفي وقت وقوع زلزال شرق اليابان الكبير، ذرف العديد من الناس في غزة الدموع على الأضرار التي لحقت باليابان. واستمر التواصل بين الجانبين، كقيام الفلسطينيين برفع الطائرات الورقية في السماء، وهو نشاط شعبي في منطقة توهوكو يتم القيام به في أوائل الربيع من كل عام، وصلوا من أجل إعادة إعمار المناطق المنكوبة. وعلاوة على ذلك، واصلت الحكومة اليابانية دعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على مدى السنوات السبعين الماضية، وهي معروفة بدعمها السخي حتى داخل المجتمع الدولي.