استمرارية الأعمال والتعافي من الأزمات

 

حصة بنت عبدالرحمن المقرن

19 مارس 2023

لا يخفى على الجميع ما تعرّض له العالم من أزمات وكوارث وما صاحبها من تغييرات في الأنظمة والسياسات،ومن الأمثلة على ذلك كارثة تسونامي ( 2004م)،والتي تضرر منها (14) دولة وتسببت في وفاة (230) ألف شخص تقريبا،
وجائحة كورونا (2019م) وما لحق بها من أضرار صحية واجتماعية واقتصادية وغيره، وأيضاً الزلازل والبراكين التي تشهدها بعض الدول مؤخراً وماسببته من انهيار في البنية التحتية ومشاكل إقتصادية واجتماعية،وبطبيعة الحال فإن ذلك كله من شأنه أن يحدث تأثيراً سلبياً على عمل ونشاط الشركات والمؤسسات والقطاعات الموجودة في الدول التي حصلت فيها الأزمة أو الكارثة،بل قد يؤدي إلى انهيارها وبالتالي عدم قدرتها على مواصلة تقديم خدماتها أو منتجاتها.
وهنا يجدر بنا التساؤل هل الظواهر الطبيعية السلبية كالزلازل والأعاصير أو حتى الأوبئة أو الأمراض هي المسبب الوحيد للأزمات
وتعطل الأنشطة والعمليات للمؤسسة؟أم أن هناك عوامل أخرى تجعل المؤسسة تتعطل عن مواصلة نشاطها وتقديم منتجاتها أوخدماتها بالمستوى المطلوب أوتتوقف نهائيا عن العمل،في الحقيقة يوجد العديد من المسببات في هذا السياق كالأزمات الناتجة عن الأعطال والمشاكل التقنية مثل أعطال الإنترنت
والشبكات والفيروسات
والتي لها تأثير سلبي على الأنظمة وجميع الخدمات الإلكترونية في المؤسسة،كما توجد أيضاً أزمات ناتجة بفعل الأخطاء البشرية كأخطاء التصنيع،وسوء الاستخدام لبعض الأجهزة و الأنظمة
والمعدات وغيره والتي قد تؤدي إلى حرائق أو أعطال، كما يوجد مسبباً آخر يتعلق بأخطاء التخطيط واستشراف المستقبل حيث تربعت بعض الشركات على عرش صناعة الكاميرات والهواتف الخلوية ولكنهم لم يحسنون التنبؤ بثورة التصوير الرقمي وكاميرات الهواتف الذكية مما أدى إلى توقف نشاطهم
وافلاسهم.
وبناء على ذلك فإنه يتضح لنا أهمية نشر الوعي بضرورة الاستعداد الفعال للتعامل مع المخاطر والأزمات وإيجاد خططاً وحلولاً للتعافي منها واستعادة النشاط من خلال إدارة استمرارية الأعمال لأن جهل المؤسسات بذلك وعدم إدراكهم بضرورة تبني منهجيات وخطط للتعامل مع الأزمة والتعافي منها يؤدي إلى تفاقمها،وهذا الوعي يستدعي أولاً البدء من الإدارة العليا للمؤسسة لضمان الدعم والنجاح،ويشمل جميع أصحاب المصلحة.
تحددإدارة استمرارية الأعمال  إطاراً مقترحاً للأنشطة
والعمليات اللازمة للتعافي من الأزمة بحيث يضم وقت استعادة النشاط،والمستوى الأدنى المقبول للمنتجات أو الخدمات
والتي يجب أن تستمر بالعمل أثناء الأزمة وذلك لتجنب العطل التام،وتعزز خطط استمرارية الأعمال مرونة المؤسسات وذلك للتعامل مع الحدث قبل الأزمة من خلال خطة تحليل إدارة المخاطر وتحليل تأثير الأعمال،
والتعامل  أثناء حدوث الأزمة من خلال خطط الأزمات والخطط البديلة،وأيضاً التعامل بعد الأزمة من خلال خطط التعافي وعودة النشاط.
وأخيراً والمبشر في الأمر أن العديد من المنشآت والمنظمات في المملكة العربية السعودية تبنت بعضاً من المعايير لإدارة استمرارية
الأعمال ولعل أشهرها المواصفة العالمية ISO22301-2019،وبعض الأدلة الارشادية المحلية
كـ SAMA BUSINESS
CONTINUITY MANAGEMENT  FRAMEWORK
والتي تضمن أفضل الممارسات لاستمرارية الأعمال على مختلف المستويات العالمية،الإقليمية،والوطنية.
______
*مستشار الجودة والتميز المؤسسي
كبير مدقيين معتمد – مواصفات الآيزو
مقيم معتمد جائزة الملك عبدالعزيز للجودة.
_____
حصة المقرن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.