أفي شكٍ يا ابن الخطاب

 

بقلم د. عبدالعزيز حمود المشيقح

22 نوفمبر 2022

روي عنه ﷺ أنه رأى عمرَ يقرأ في شيء من التوراة؛ فأنكر عليه ذلك وقال: أفي شك يا ابن الخطاب؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية، والله لو كان موسى حيًا ثم اتبعتموه لضللتم ، أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-.
فإذا كان إنكار النبي ﷺ على عمر قراءته التوراة وهي مرجع كثير من فلاسفة المجتمعات الغربية، فكيف بمن يُنَظّرُون قِيمنا وعاداتنا وتقاليدنا،بل وحياتنا الاجتماعية، بالرؤى الغربية وهم من أبناء جلدتنا ؟ وهل هذه هي الحقيقة،أم التبعيّةُ المقيتة؟والهشاشة النفسية؟
خاصة أن هذه الرؤى والنظريات الغربية مستمدة من التوراة والإنجيل في معظم تصوراتها.
أوليس تصورات ماكس فيبر مستمدة من روح البروستانتية؟وتصورات أوجست كونت ودور كايم من الكنيسة الكاثوليكية؟ وتصورات كارل ماركس الصراعية جلّها من فكر الحادي شيوعي سقط وقد أثبت فشله؟
لقد أغنانا الله عن كتب أهل الكتاب وفلاسفتهم بكلامه العظيم -جل جلاله- القرآن الكريم، فلا ينبغي الرجوع إلى كتبهم وجعلها مقياساً أو قواعد علمية لقضايانا؛ لأن هذا قد يولد الشك، والريب، والفتنة التي يحذرنا الشرع منها.
فعلى كل مؤمن ومؤمنة عاقلين الإقبال على ما جاء به الله ورسول ﷺ، وكفى بهما ففيهما الدواء والشفاء وكل ما يحتاجه الإنسان في حياته وبعد مماته، قال تعالى:( وكلَّ شيءٍ فصّلناه تفصيلاً )
فعلى أساتذة الجامعات خاصة أصحاب التخصصات الاجتماعية والتربوية والنفسية ألا يجعلوا نظريات المجتمعات الغربية مقياساً لهم، أو أن تكون ميزاناً لمعالجة حياتنا الاجتماعية.
نعم يُستأنس بها-حدثوا عن بني إسرائيل ولاحرج- لكن لابدَّ من وضعها في ميزان الشريعة أولاً،فلا تنظيرهم الإمبريقي يتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الإسلامية.
وللأسف نجد بعضاً من المتخصصين في دراساتنا الاجتماعية جعلوا نظريات علماء الاجتماع والنفس والتربية هي المحددات والموجهات للدراسات الاجتماعية والنفسية والتربوية في مجتمعنا العربي، واستخدموها لمعالجة الظواهر الاجتماعية في بيئتنا العربية وأهملوا التصور الإسلامي المستمد من القرآن والسنة،ومن عاداتنا وأعرافنا الاجتماعية.
أين هم من حديث:” أفي شك يا ابن الخطاب؟ “،ثم إن القرآن والسنة لم يتركا للإنسان قضايا مبهمة، بل خلق الله الخلق ووضع حلولاُ أمام الإنسان يفكر فيها،وهي علاجات ناجعة تسهل معيشته وحياته،بل كل ما أشكل عليه.
وحتى نكون عمليين أكثر؛ يجب ألا يقبل أي بحث،أو رسالة علمية إلا بعد رصد التصور الإسلامي للقضايا المطروحة في البحث ووضع النظريات الغربية في ميزان الشريعة، فلا يمنع الإفادة من غيرنا؛ شريطة أن يوافق ما في الوحيين،فالحكمة ضالة المؤمن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.