قررتا تحدي كورونا بأكلة “الرشوف على الطريق”

فتاتان أردنيتان فقدتا عملهما بعد انتشار كورونا، فقررتا ألا تستسلما للظروف الاقتصادية التي خلفها الوباء كحال كثيرين وجدوا أنفسهم بلا عمل، وبعد تفكير طويل، اهتدت ريم وساجدة، إلى فكرة جديدة تؤمّن لهما رزقاً جيداً فضلاً عن ترسيخ مبدأ استقلالية المرأة، إضافة إلى إعادة التعريف بطبق أردني أصيل وشعبي، لكنه غير منتشر على نحو واسع في كل أنحاء المملكة.

أكلة منتشرة في الريف والبادية

تقول ساجدة لـ “اندبندنت عربية”، إنها اختارت وصديقتها ريم منطقة اللويبدة في العاصمة عمّان لتقديم وبيع طبق “الرشوف” التقليدي على عربة، وهي أكلة أردنية منتشرة في الريف والبادية، وتعد من الأكلات الشتوية، ويتم إعدادها من مواد عدة وهي القمح والعدس ولبن الجميد والسمن البلدي والبصل.

وتتميز منطقة جبل اللويبدة بطابعها العمّاني والتراثي القديم حيث كانت مقراً لسكن أثرياء عمّان ووجهائها قديماً، أما اليوم فتحولت إلى محطة لكل الباحثين عما هو قديم وتراثي وذو طابع تاريخي، خصوصاً محبي الأكل الشعبي.

“الرشوف على الطريق”

وواجهت ريم وساجدة منذ اليوم الأول مشكلة الترخيص من الجهات المختصة لمشروعهما “رشوف على الطريق”، لكن الإقبال الكبير من قبل المواطنين ومحبي هذه الأكلة التراثية شدّ عزيمة هاتين الفتاتين المصممتين على أن تكونا منتجتين بعد التجارب القاسية التي مرتا بها، مع تطلعهما مستقبلاً لتطوير الفكرة وحجز موطئ قدم في عالم المطاعم والمنتجات الغذائية الشعبية.

وداعاً للوظيفة

وتشاركت ساجدة وريم الظروف الاجتماعية نفسها حتى أثناء عملهما الذي كان بالكاد يوفر لهما متطلبات الحياة اليومية، وتقول ساجدة “كان أمامنا خياران، إما انتظار وظيفة أخرى وبراتب متدن، أو عمل أي شيء بإمكانيات قليلة”، وتضيف “بحثنا عن وظائف من دون جدوى، ولم نجد أي جهة تتبنى فكرتنا أو تدعمنا، ففكرنا ببدء المشروع برأس مال متواضع، على الرغم من أن فكرة بيع فتاة على عربة مرفوضة، ولا تلاقي قبولاً لدى المجتمعات الشرقية، التي تتقبل ظواهر أخرى كتسول المرأة أو عملها في مهن معينة”. وتؤكد ساجدة أن قرارهما كان تحدياً لكسر كل المعوقات، والبدء بخطوة جديدة تشجع النساء العاملات في مشاريع خاصة، وأولئك المعنّفات الخائفات من الاستقلالية بحياتهن.

نظرة المجتمع

أما ريم فتشير إلى حجم النقد والصعوبات التي واجهتها وصديقتها ساجدة، لا سيما نظرة المجتمع، لكنها في نهاية الأمر تخطت كل ذلك في سبيل التعريف بأكلة تراثية لا تقدمها المطاعم وغير معروفة، خصوصاً في أحياء عمّان الغربية الثرية، وتتحدث ريم بمرارة عن صعوبة الحصول على وظيفة على الرغم من عملها في مجال التدريس وحصولها على درجة البكالوريوس، لكنها فخورة اليوم بما تقوم به دعماً لأسرتها وتحقيقاً لذاتها.

وتروج الفتاتان لفكرة مشروعهما الوليد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فبعد ساعات فقط من إنشاء صفحة خاصة على “فيسبوك”، وصل عدد المتابعين إلى حوالى سبعة آلاف شخص من محبي هذه الأكلة الشعبية أو الفضوليين الراغبين بتذوقها للمرة الأولى.

تحديات عمل للأردنيات

وتدعو ساجدة وريم المجتمع الأردني إلى تقبل عمل المرأة في أي مجال تصبح من خلاله منتجة، على الرغم من قانون العمل الذي يرى كثيرون في بعض بنوده ما ينتقص من حقوق المرأة كحظر العمل ليلاً.

وتطالب رئيسة “جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان” ليندا كلش في هذا السياق، بتوفير الحماية للنساء العاملات، وتوفير الظروف المناسبة للحوامل والمرضعات منهن على وجه التحديد.

وتفيد بيانات دائرة الإحصاءات العامة بأن المشاركة الاقتصادية للإناث في البلاد تبلغ حوالى 15 في المئة، وأن صاحبات الأعمال اللواتي يشتغلن لحسابهنّ الخاص لا يمثّلن إلا أربعة في المئة من إجمالي النساء العاملات في البلد، كما بلغ معدل البطالة بين النساء في الأردن نهاية عام 2018، 25.7 في المئة.

بيئة غير صديقة

ويرى مراقبون أن بيئة العمل في الأردن عموماً غير صديقة للنساء، خصوصاً في ظل ثقافة مجتمعية لا تحبذ عمل المرأة في كثير من القطاعات وتفضل عملهن في قطاعات مثل الصحة والتعليم فقط.

وأظهرت دراسة لدائرة الإحصاءات العامة في هذا السياق، أن 14.6 في المئة فقط من السيدات المتزوجات يتمكنّ من التصرف بحرية في رواتبهنّ الشهرية ودخلهنّ المادي، بينما 78.4 في المئة منهنّ يتم التصرف بأموالهنّ بشكل مشترك مع الأزواج.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.