سم وأبشر

 

الكاتب / سلمان بن محمد العُمري

07 مارس 2022

الكلام الطيب عبادة وهداية “وهدوا إلى الطيب من القول”، وما أجمل الكلمة الطيبة والعمل الطيب والنفوس الجميلة التي تبعث الطمأنينة بأقوالها وأفعالها وتحسن إلى الناس قولاً وعملاً، وما أجمل أن يترك الإنسان أثرًا إيجابيًا في نفوس الناس ويأسر القلوب والمشاعر وخصوصًا عندما يكون الإنسان بحاجة لكلمات طيبة واستجابة لمطالبه فيجد نفوسًا وقلوبًا واعية قبل الآذان الصاغية، وكما قيل الكلمات الطيبة زهور لاتذبل أوراقها ولايموت عبيرها فانثرها على الطرقات، والكلمة الطيبة شجرة مورقة إذا وقعت في القلب أحيته، وهي أعذب من الماء البارد.
وقد أمرنا الله عز وجل بحسن القول كما أمرنا بحسن العمل فقال عز من قائل سبحانه: “وقولوا للناس حسنا”، وقال صلى الله عليه وسلم: “الكلمة الطيبة صدقة”.
كم من الأشخاص نقابلهم وهم يحملون أوجاعًا لايعلمها إلا الله وقد يبتسم هذا المكلوم والمهموم في وجوه الناس ويقضي حاجتهم وهو أشد حاجة ممن طلب منه العون والمساعدة، وممن أفضى إليه بحاله لأن نفسه طيبة ويريد أن يكون بلسمًا للجراح دائمًا ومتحليًا بالرفق واللين والمودة والمحبة، والكلمة الطيبة لا تستمد قواها من صوت قائلها وإنما تستمد قواها من صدق قائلها، والبعض من دون أن يتكلم حينما تراه تشعر بالسعادة والطمأنينة، والآخرين وأن تصنعوا الابتسامة وبعض الكلمات الطيبة لاتجد أثرًا لقولهم ولاابتسامتهم الصفراء.
ومن الكلمات الشائعة والدارجة لدينا كلمة “أبشر” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب البشارة، ويكثر من قول “أبشر” قال صلى الله عليه وسلم: “بشروا ولاتنفروا ويسروا ولا تعسروا”؛ فما أجمل أن نتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قدوتنا وأسوتنا فلا نحبس الكلام الطيب بالمدح والشكر والدعاء والمواساة.
والقرآن الكريم والسنة النبوية حافلتان بنصوص كثيرة تحث على الكلام الطيب وتنهى عن الفاحش والبذيء من القول وتأمر بالأعراض عن اللغو.
ولقد امتن الله سبحانه وتعالى على بعض البشر بقلب سليم ولسان صادق مستقيم لايظهر منه إلا خيرًا بصدق المنطق وطيب الحديث وهؤلاء كسبوا رضا الخالق وقبول المخلوقين فشرف قدرهم وطابت حياتهم، وهذه الميزة لايتحلى بها سوى قوي الإرادة وراجح العقل وسليم الطوية، والناس بمختلف أصنافهم وأعمارهم فهم يجمعون على محبة الصادق الأمين يأمنونه على أموالهم وعلى وصاياهم وعلى أماناتهم على عكس الفظ الغليظ الذي يمقته الناس ويزدرونه ولا يتقبلونه ولايطمئنون إليه.
إن كلمة “أبشر” تحمل دلالات عظيمة ولاتصدر إلا من نفوس صادقة زكية متأسية برسولها الكريم ذي الخلق الحسن الكريم فطوبى لمن لزم ذلك ولزم الصدق والطيب من القول فإلى الله عز وجل يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، وطوبى لمن أنفق من ماله وأمسك الفضل من قوله، وطوبى لمن قال خيرًا فغنم أوسكت فسلم، وكلمة أبشر لا تقال في الأغلب إلا عند الطلب، وهنيئًا لمن لبى مطالب الخلق بما يرضي الله عز وجل، وكل كلام وعمل لا يضر في دينك ولايسخط ربك وترضي به من حولك فلا تكن بخيلاً، بل سيثيبك الله عز وجل، وفي الحديث الصحيح: “اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم يكن فكلمة طيبة”.
فشكرًا لمن لا يحبس الكلام الطيب في قلبه ولايكتمه عن أحد، وشكرًا لمن يصنع البسمة على شفاه الناس وعلى قلوبهم بكلماته الطيبة وأفعاله الجميلة، ويبعث فيهم التفاؤل وتكون كلماته كالبلسم الذي ينتج السعادة والأمل والحب وكل شيء جميل.
لاتحقرن من المعروف شيئًا فالكلمة الطيبة قد تغير مسار أحدهم، وقد تكون هذه الكلمة الغرسة الأولى والبذرة الأولى في حياة البعض، ولذا كانت الكلمة الطيبة عبادة وصدقة فامنح الأمل والطمأنينة في نفوس الآخرين مهما كانت الظروف.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.