السوشل ميديا وعقوق الوالدين

 

عايض بن محمد العصيمي

23 مايو 2022

ليس من البر ولامن الأدب: تصوير الوالدين في مقاطع مضحكة،وجعلهم محلاً للسخرية والضحك والتهريج بين الناس؛ وجعلهم مصدراً للفكاهة وضحك المتابعين،واللهث وراء الشهرة على حساب:قلة الأدب مع الوالدين للأسف! بعد أن تم انتهاز غفلتهم وعورتهم في: جلسة،أوحديث،أوأكل،أ شرب، أولبس خاص يلبسه في البيت أوغيره.
إذ إن لكل شخص خصوصية يتمتع بها في بيته وجلوسه ومزحه مع أبنائه وبناته وأحفاده وذرية بيته،وهذه الظاهرة الجديدة الغريبة السيئة على مجتمعنا،جاءت مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي مع جيلنا الجديد -أصلحه الله- لم تكن في مجتمعنا الأول الذي فرض على الجميع احترام الوالدين وتقديرهم،وهي من التفاهات أن يصل الحال ببعضهم أنه ينبه ويعلن لمتابعيه أنه:دخل على أحد والديه،وأنه سيقوم بعمل مقلب أوطقطقة على والدته أوأبيه،أوعمل مقابلة ساذجة مع أحد والديه،ونشر ذلك كله لغرض الضحك والسخربة!،مما يطرح تساؤلي: كيف يتجرأ هذا وأمثاله أن يفعل ذلك؟!،وأن يصور ويضحك الناس على والديه لزيادة شهرته ومتابعيه؟!..كم ينقصنا الأدب مع الوالدين؟!
للأسف أغلب هذه المقاطع الرخيصة أخلاقياً قد يكون فيها وقعٌ على قلب والديه وأقاربه ومحبيهم؛الذين يرون لوالديهم المكانة العظمى،والمنزلة العالية، والتي أسقطها هذا الابن أو الحفيد بتصويره وسخفه! فهذا الأسلوب الشوارعي(عذراً)
لايجوز وغير لائق مع الوالدين، ولاينبغي لنا جميعاً أن نجعل والدينا مادة إعلامية دسمة يشاهدها العالم للضحك والسخرية والاستخفاف والتصوير السخيف ونشر صورهم ومقاطعم في برامج التواصل الاجتماعي ليسخر منهما العالم،وأنه مما يزيد القلب كمداً وحسرة:أن بعضاً من أبنائنا وبناتنا يحترم الغريب أو الصديق أشدَّ احتراماً من والديه،وقد يظهر أمام متابعيه بتصويره أنه بار بوالديه بتقبيل يديه أورأسه أوالحديث معه بمقطع مبتذل وممقوت،وإظهار البر والمعروف والعلاقة المصورة مع والديهما وكأنه معروف يقدمونه للوالدين،
ولايعلمون أنه أدب وواجب ملزمون به شرعًا وعرفًا: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}،{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ}.
أمك وأبيك:هم تاج رأسك وشرفك وعزك وأغلى ما لديك في هذا الكون الذي تتنفس فيه!
أسألوا:من فقد والديه بماذا يحس؟!وماذا يتمنى؟!
هناك مقاطع وسلوكيات وتصرفات مبتذلة وبعيدة عن الأدب والذوق والحس والإنسانية والدين وعادات وتقاليد مجتمعنا الأصيل..كان الواجب فيها أن تنشر ولاتكون!! وهي غير قابلة للنشر في مجتمعنا.
اعلم:أن ضحكك ومداعبة والديك ومزاحك معهما في جوها العائلي المعهود ينبغي أن لايطلع عليها الناس؛ولايشاهدها أحد!وأن يكون برك وإحسانك لوالديك بالسر دون نهك لحقوقهم ونقصهم.
ومن الصور السيئة كذلك للعقوق:تصحيح وتصوير أخطاء الوالدين أمام كمرته لمتابعيه والضحك عليهما في كلمة لا يحسن نطقها والده،أوأمر
لايعرفه،ويخرجه للناس:جاهل رجعي!لايعرف شيئًا في زمنه! مع مزح ساقط في قوله وفعله، وليس كذلك:من الأدب مع الوالدين أن تكون في حضرتهم: (الحاضر الغائب) تتحدث معهم بجسدك دون قلبك وشعورك! منشغل عنهما في هاتفك وخصوصياتك! استمع وانشد وركز جيداً لحديثهم (وسواليفهم)ولو أعيدت لك ألف مرة..اضحك لنكتتهم ولطرفتهم وإن لم ترق لك تلك الطرفة والحكاية،فأنت تفعل ذلك مرات مع أصدقائك ومحبيك!!هذا كله من البر والإحسان،أشعرهم بالبر والصلة والعطف واللطف والحنان والأمان،وضد هذا كله من العقوق وسوء وقلة الأدب والمعروف،فلا يجوز الضحك والسخرية على صدور خطأ من والديك.
لذا أقترح على الجهات المختصة المسؤولة:أن تضع حداً لهذه السخافات،ولحفظ حقوق الوالدين وكبار السن من طيش السفهاء،وإلزام الجميع بتقديرهم واحترامهم وإنزالهم منزلتهم اللائقة بهم.
أعجبني وسعدت كثيراً ما اطلعت عليه من نظام حقوق كبير السن ورعايته الصادر بالمرسوم الملكي رقم/ ( م/٤٧ ) بتاريخ ١٤٤٣/٦/٣هـ بعدد مواد النظام ٢٣ مادة.
حفظاً لكرامتهم وحقوقهم المنتهكة من سفهاء المجتمع، وليعلم ويتعلم ويقرأ الجميع جيداً بكامل أطيافه(أبناء وبناتًا، طلابًا وطالبات،معلمين ومربين وخطباء وإعلاميين..):أن حقوق الوالدين ليست حقوق نظرية صورية شكلية تُدرس فقط في الكتب،وتُسمع في المساجد،ولا تطبق في أرض الواقع،(لا) بل هي أعمق وأدق؛هي منهج حياة وأصل فطري خلقه الله وأوجده في كل مخلوقاته،والسعيد من أحسن الأدب مع والديه،واعلم أن:البر لايبلى،والذنب لايُنسى، والديان لايموت،اعمل ماشئت، فكما تدين تدان،والجزاء من جنس العمل،ولايظلم ربك أحدًا. اللهم ارحمهما كما ربياني صغيرًا.

عايض العصيمي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.